بالرغم من الجهود الجبارة التي قامت بها أمانة جدة في تطهير المدينة من الأحياء العشوائية، إلا أن هذه الأخيرة ما تزال مستمرة في الظهور بطرق وأشكال جديدة، مما يثير الجدل حول جدوى الحلول المقدمة من الجهات المختصة.
ومنذ سنوات، أطلقت أمانة جدة مشروع "إزالة الأحياء العشوائية"، والذي استهدف إزالة عشرات الأحياء العشوائية في المدينة، وإسكان سكان هذه الأحياء في وحدات سكنية جديدة مجهزة بخدمات البنية التحتية الأساسية.
ورغم أن المشروع نجح في إزالة العديد من الأحياء العشوائية، إلا أنه واجه العديد من الانتقادات، من أهمها عدم توفير الأمانة لبدائل سكنية مناسبة لسكان هذه الأحياء، مما دفع الكثير منهم للعودة إلى السكن في العشوائيات أو اللجوء إلى مناطق عشوائية أخرى.
وفي هذا الصدد، يقول محمد أحمد، وهو أحد سكان أحد الأحياء العشوائية التي تم إزالتها: "بعد إزالة الحي الذي كنت أسكن فيه، لم توفر لنا الأمانة أي بديل سكني مناسب، مما اضطرني للانتقال إلى حي عشوائي آخر".
ويضيف محمد: "الأحياء العشوائية الجديدة التي ظهرت بعد إزالة الأحياء القديمة، هي أكثر سوءا من سابقاتها، فهي تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والصرف الصحي".
وفي السياق نفسه، يرى المهندس خالد عبد الرحمن، وهو خبير في التخطيط العمراني، أن الحلول التي قدمتها الأمانة لمشكلة الأحياء العشوائية لم تكن شاملة وكافية، وأنها اقتصرت على إزالة الأحياء دون معالجة الأسباب الجذرية لظهورها.
ويقول عبد الرحمن: "الأحياء العشوائية ليست مجرد مبانٍ عشوائية، بل هي ظاهرة اجتماعية واقتصادية معقدة، ولابد من معالجتها من خلال حلول شاملة ومتكاملة".
ويضيف: "من أهم الحلول التي يجب اتخاذها، توفير فرص عمل للشباب العاطلين، وتسهيل حصولهم على قروض سكنية ميسرة، وتقديم الدعم المالي للأسر الفقيرة التي لا تستطيع توفير مأوى مناسب".
كما يقترح عبد الرحمن ضرورة تعاون الأمانة مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية العاملة في مجال تطوير الأحياء العشوائية، وإشراك السكان المحليين في عملية التخطيط والإسكان.
وتبقى مشكلة الأحياء العشوائية في جدة من التحديات الكبرى التي تواجه المدينة، والتي تتطلب حلولا عاجلة وشاملة من قبل الجهات المختصة، حتى لا تتحول هذه الأحياء إلى بؤر للفقر والمشاكل الاجتماعية.