أمطار الرياض تحيي المدينة بموسيقى الطبيعة




يا له من منظر خلاب، مدينة الرياض التي عرفناها جافة وقاحلة تتحول إلى واحة خضراء نابضة بالحياة، مع كل قطرة مطر تنهمر علينا. إنها لحظة سحرية ترسم فيها السماء لوحة فنية رائعة على قماش الأرض.

أصوات المطر، كأنها نغمات سيمفونية جميلة، تملأ الهواء، وتبعث على السكينة في النفوس. كل شارع وزقاق يتحول إلى جدول ماء متدفق، يغسل أحزان المدينة ويحمل معها كل الهموم.

لا يسعني إلا أن أقف عند النافذة، مذهولا بجمال المنظر الممتد أمامي. قطرات المطر وهي تتساقط على أوراق الشجر، تخلق ألحانًا ساحرة، وكأنها آلات موسيقية تعزف أغنية الطبيعة. قطرات أخرى تضرب الرصيف، فتتفرقع وتختفي، تاركة وراءها رائحة الأرض الرطبة المنعشة.

تتدفق المياه في الشوارع، وتغمر السيارات المارة، لكن لا غضب ولا استياء على وجوه السائقين. بل على العكس، يبدو عليهم فرح غامر، وكأنهم يتشاركون لحظة فرحة مع المدينة بأكملها. بعضهم يفتحون نوافذ سياراتهم ويغنون مع صوت المطر، والآخرون يخرجون هواتفهم لالتقاط صور لهذه المناظر الرائعة.

الأطفال هم الأكثر استمتاعًا بهذه الأجواء الساحرة. يقفون في الشوارع حفاة الأقدام، يمرحون برش المياه على بعضهم البعض، ويضحكون من صميم قلوبهم. يركضون بين البرك المتكونة ويلعبون بكراتهم، ويحولون المدينة بأكملها إلى ملعب ضخم.

لا تقتصر فرحة أمطار الرياض على البشر فقط، بل تشمل الحيوانات أيضًا. الطيور تغرد بأعلى صوتها، وكأنها تريد أن تشارك الفرح مع الجميع. القطط والكلاب تخرج من مخابئها، وتتجول في الشوارع، تستمتع بالمطر المنعش.

مع حلول المساء، ومع استمرار هطول المطر، تتحول المدينة إلى لوحة فنية أكثر إبداعًا. أضواء الشوارع تعكس وهجها على الأرض المبللة، فتصبح المدينة أشبه بقصر بلوري لامع. يقف الناس على الشرفات والأسطح، يستمتعون بالمنظر الساحر للمدينة المضاءة والمزينة بآلاف الخرزات المضيئة.

ولكن للأسف، كما هو الحال مع كل لحظات الجمال، لا تدوم أمطار الرياض طويلاً. مع حلول الصباح، تتوقف السحب عن البكاء، وتعود الشمس لتصب نورها على المدينة. لكن ذكرى تلك الليلة ستبقى محفورة في أذهاننا إلى الأبد، وستظل موسيقى المطر صدى يتردد في آذاننا، يذكرنا بجمال الطبيعة وقوتها الساحرة.