على مسرحنا الفني المصري والعربي، كان اسم "أمـال ماهـر" بمثابة زهرة برية أبت أن تنمو تحت سقف الأبراج العاجية، متمردةً على ما فرضته عليها شركات الإنتاج والمجتمع من تقاليد وأعراف، فكانت نموذجًا حيًا للأنثى التي تتمرد على السائد دون أن تتخلى عن أنوثتها.
ولادة نجمة
في يوم 19 فبراير 1985، وُلدت أمـال ماهـر في محافظة القاهرة، مصر. لم يكن متوقعًا أن تُصبح نجمةً فيما بعد، فقد كانت فتاة عادية لا تظهر أي مواهب فنية استثنائية. لكن القدر شاء أن تكتشفها المخرجة إيناس الدغيدي التي منحتها دور البطولة في فيلمها "سحر العيون" عام 2002.
رغم أن الفيلم لم يحظى بنجاح جماهيري كبير، إلا أنه فتح لأمـال ماهـر الباب نحو الغناء. فأصدرت بعده ألبومها الأول "إنت إيه" عام 2003 والذي حقق نجاحًا واسعًا.
امرأة عاملة
في عالم الفن الشرقي، كانت أمـال ماهـر إحدى القلائل اللاتي رفضن أن يُستغللن كسلعة أو مجرد "مطربة شقراء". فقد وقفت على قدميها واختارت الطريق الصعب، وهو طريق العمل والاجتهاد.
دأبت أمـال على كتابة وتلحين أغانيها بنفسها، وهذا ما منحها استقلاليتها الفنية. كما أنها لم تتردد في مواجهة منتجيها إذا شعرت أنهم يريدون فرض عليها ما لا تريده.
التمرد على المألوف
لم تكتفِ أمـال ماهـر بالتمرد على الصورة النمطية للمغنية الشرقية فقط، بل أنها تمردت أيضًا على الذوق السائد في الغناء الشرقي.
رفضت أمـال أغاني "التهريج" و"الدلع"، واختارت بدلاً من ذلك تقديم أغاني تتميز بألحانها القوية وكلماتها العميقة التي تتناول قضايا اجتماعية وإنسانية.
قصة حب وانتفاضة
لم تكن حياة أمـال ماهـر خالية من التحديات. فقد تعرضت عام 2017 لأزمة كبيرة بعد زواجها من الملحن محمد ضياء، والذي ادعت أنه قام بحبسها وتعذيبها.
لم تستسلم أمـال لهذه العقبة، بل حوَّلت ألمها إلى انتفاضة. فأطلقت أغنية "الدنيا ريشة في هوا" والتي عبرت فيها عن رفضها للعنف ضد المرأة.
الأيقونة الشعبية
لم تكن أعمال أمـال ماهـر مجرد أغاني، بل كانت بمثابة "نشيد" للنساء اللواتي يعانين من القمع والظلم.
شكلت أغانيها ملجأً آمنًا لأولئك اللاتي شعرن بالتجاهل والتهميش. وأصبحت أمـال ماهـر رمزًا للمرأة القوية والمستقلة التي لا تخشى التعبير عن آرائها.
نهاية عصر
في مارس 2023، أعلنت أمـال ماهـر اعتزالها الفن في منشور مفاجئ على صفحتها الرسمية على فيسبوك.
وعلى الرغم من حزن محبيها على هذه الخطوة، إلا أنهم تفهموا قرارها. فقد أثبتت أمـال ماهـر خلال مسيرتها الفنية أنها امرأة لا تقبل بالقيود أو المساومة على مبادئها.
إرث أبدي
ستبقى أمـال ماهـر أحد أهم وألمع الأسماء في تاريخ الموسيقى الشرقية. وستستمر أعمالها في إلهام وتمكين النساء على مر الأجيال.
وإن كانت قد تركت المسرح، إلا أن صوتها وإرثها سيظلان يصدحان في قلوب محبيها إلى الأبد.