إسلام مجدي يعقوب: قلب من ذهب




في خضم عالم يتسم بالسرعة والصخب، حيث أصبح الوقت من السلع النادرة، لا يزال هناك من يكرس حياته لإنقاذ الآخرين. إنه البروفيسور إسلام مجدي يعقوب، الجراح المصري البريطاني الشهير الذي أجرى ما يقرب من 20000 عملية جراحية في القلب، مما منح حياة جديدة لأولئك الذين كانوا على وشك فقدان الأمل.

ولد البروفيسور يعقوب في بلدة بلقاس بمحافظة الدقهلية، في 2 يونيو 1936. نشأ في أسرة متواضعة، لكن شغفه بالطب نما في سن مبكرة. التحق بكلية الطب في جامعة القاهرة، حيث تفوق دراسياً، وتخرج بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى.

بعد فترة وجيزة من تخرجه، حصل البروفيسور يعقوب على منحة للدراسة في المملكة المتحدة. هناك، التقى بالبروفيسور جيمس ليونارد، أحد رواد جراحة القلب. أُعجب البروفيسور ليونارد بعقل البروفيسور يعقوب وشغفه بالطب، وأخذه تحت جناحه.

تتلمذ البروفيسور يعقوب على يد البروفيسور ليونارد لسنوات عديدة، وأصبح واحداً من أشهر جراحي القلب في العالم. في عام 1980، أسس معهد القلب والرئة في مستشفى هامرسميث بالعاصمة البريطانية لندن. أصبح المعهد مركزاً عالمياً لتميز جراحة القلب، ويوفر الرعاية لما يقرب من 4000 مريض كل عام.

على مدار مسيرته المهنية، حقق البروفيسور يعقوب العديد من الإنجازات الرائدة في جراحة القلب. فهو أول من أجرى عملية زراعة قلب ناجحة في الشرق الأوسط، وأجرى أول عملية زرع رئة في المملكة المتحدة. كما طور تقنيات جراحية مبتكرة، مثل جراحة ثقب المفتاح للقلب، والتي أدت إلى تحسين النتائج بشكل كبير وتقليل وقت التعافي للمرضى.

إلى جانب عمله الجراحي، اشتهر البروفيسور يعقوب بعطائه الإنساني. فقد أسس مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب، وهي جمعية خيرية تقدم الرعاية الطبية المجانية لمرضى القلب في مصر ودول أخرى.

حصل البروفيسور يعقوب على العديد من الجوائز والتكريمات على عمله الرائد. كما مُنح لقب فارس من قبل الملكة إليزابيث الثانية في عام 2006، تقديراً لخدماته على الطب.

لكن وراء كل هذه الإنجازات، هناك شخص متواضع ورعوف. كان البروفيسور يعقوب دائماً على استعداد لمشاركة معارفه ومهاراته مع الأطباء الآخرين، كما كان يدعم باستمرار الباحثين الشباب. وهو يؤمن بأن التعليم هو مفتاح تحسين الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم.

في عام 2020، فاز البروفيسور يعقوب بجائزة تمبلتون، وهي جائزة مرموقة تُكرم الأفراد الذين يعملون على تعزيز التفاهم بين العلم والدين. ويُعد هذا دليلاً على التزام البروفيسور يعقوب بالاستكشاف الروحي، وكذلك التفوق العلمي.

في الختام، فإن البروفيسور إسلام مجدي يعقوب هو أكثر من مجرد جراح بارع. إنه سفير للإنسانية، كرس حياته لإنقاذ الآخرين وإحداث فرق في العالم. إن قلبه من ذهب حقاً، وسيستمر إرثه في إلهام الأجيال القادمة من الأطباء وجميع أولئك الذين يؤمنون بأهمية مساعدة الآخرين.