إقامة صلاة الاستسقاء: رحمة من السماء




يُعد الجفاف من أشد الكوارث الطبيعية التي تواجه العالم؛ فهو يهدد حياة الإنسان بالعطش والجوع، كما يؤثر سلبًا على البيئة والتنوع البيولوجي. وقد ابتُليت البشرية عبر التاريخ بالعديد من موجات الجفاف الشديدة، مما دفع الناس إلى التضرع إلى الله تعالى طلبًا للغيث والرحمة.
في الإسلام، تُعتبر صلاة الاستسقاء أحد أشكال الدعاء إلى الله تعالى لطلب نزول الغيث. وهي سنة مؤكدة عن النبي محمد ﷺ، وقد دعا بها في أوقات مختلفة من حياته. وعندما كان المسلمون يُصابون بالجفاف، كانوا يخرجون إلى الصحراء مع نبيهم ويصلون صلاة الاستسقاء تضرعًا إلى الله تعالى.
تُقام صلاة الاستسقاء في أي وقت، لكن يفضل إقامتها في وقت الضحى بعد شروق الشمس بـ 15 دقيقة. وتُصلى الصلاة في جماعة بإمام واحد، ويُستحب إقامتها في مصلى عام خارج المدينة.

تبدأ صلاة الاستسقاء بصلاة ركعتين عاديَّتين بتكبيرة الإحرام، ويُقرأ الفاتحة وسورة قصيرة في الركعة الأولى. ثم يقوم الإمام بالتكبير خمس مرات بعد الفراغ من قراءة الفاتحة في الركعة الثانية، ويقرأ بين كل تكبيرتين دعاءً من الأدعية المأثورة.

بعد الانتهاء من الصلاة، يخطب الإمام في الناس ويعظهم، ويذكرهم بنعم الله تعالى وفضل الاستغفار والتوبة. ثم يدعو الله تعالى بأن ينزل الغيث ويفرج عن عبادِه المكروبين.

تُعتبر صلاة الاستسقاء تجسيدًا للتضامن والوحدة بين المسلمين. فعند أدائها، يجتمع المسلمون في مكان واحد ويوجهون قلوبهم ودعواتهم إلى الله تعالى. وإن في هذا المشهد مشهدًا مهيبًا يُظهر مدى إيمان المسلمين وتوكلَّهم على الله تعالى.

أثبتت صلاة الاستسقاء فعاليتها في جلب الغيث ونزول الأمطار، كما شهد بذلك كثير من المؤرخين والعلماء. فمن رحمة الله تعالى أن جعل لنا من الدعاء مفتاحًا للفرج والرحمة.

فإذا أصابكم الجفاف أو قلَّ المطر في منطقتكم، فلا تترددوا في إقامة صلاة الاستسقاء. وإن الله تعالى غفور رحيم، ولا يرد دعوة المضطرين.