ابراهيم العرجاني.. شاب لبناني وهمسة الأشجار




من بلدة معلقة في رحم كسروان، حاملاً هموم لبنان والشرق معاً، بصوت ناعم كهمس الأشجار، وحضور لافت على مسارح مهرجانات لبنان والعالم، تجلى قلب الفنان والشاعر إبراهيم العرجاني على خشبة المسرح الوطني في زحلة، في أمسية امتزج فيها الوجدان والفن والموسيقى.

بخطوات واثقة، وارتجاف إنساني خجول، صعد الشاب اللبناني من أعالي كسروان إلى خشبة المسرح، ليصافح بلاد الأرز، وكأنها امرأة انتظرت عريسها طويلاً، في لقاء جمع الحب والفن والمسرح وجمهور عاشق للفن والإبداع. صوته مخملي، وكلماته حانية كصدر أم، وحضوره يفيض رقة كزهرة اللوتس. لم يأتِ العرجاني غريباً إلى زحلة، فقد غنى لها مراراً في السهرات، وأحبها كثيراً. فهل هناك أجمل من أن يتلاقى حب الشاعر مع حب مدينة بأكملها، فينجبان أمسية من الشعر والموسيقى والغناء!

  • إبراهيم العرجاني... همسة الأشجار
  • يطلق العرجاني ألحانه وأغنياته الأولى، فتمر مرور الكرام. كان الأمر عادياً بالنسبة لشاب موهوب يحاول الحصول على فرصة في زمن اكتظت فيه الساحة الفنية بأسماء لامعة. لكنه لم ييأس، فكلما أسدل الستار على حلمه، كان يعاود ترتيب كواليسه ليخوض مجدداً رحلة البحث عن الضوء والنجاح. ووسط الأزمات التي عصفت بلبنان، فوجئ العرجاني بمكالمة هاتفية غير متوقعة من شركة بلاتينوم ريكوردز، تعرض عليه إنتاج ألبومه الأول. هنا انقلبت أحلام الشاب اللبناني رأساً على عقب، فصار بإمكانه أن يطلق العنان لنبض قلبه شعراً وغناءً ولحناً.

    ويحكي العرجاني عن تلك اللحظة: "عندما وقعت العقد مع شركة بلاتينوم ريكوردز، شعرت بأنني ولدت من جديد. لقد منحتني هذه التجربة الفرصة لأقدم نفسي للعالم العربي من خلال ألبومي الأول. وأذكر أنني كنت متحمساً للغاية ومتوتراً في الوقت نفسه. كان هذا بمثابة حلم تحقق، لكنه حملني أيضاً مسؤولية كبيرة".

    وإلى جانب موهبته في الغناء وتأليف الأغاني، يتميز العرجاني أيضاً بمهارة عالية في العزف على العود. وقد أتاح له هذا التنوع الفني استكشاف مجموعة واسعة من الأنواع الموسيقية، من الكلاسيكية إلى الشرقية. وهو يرى أن الموسيقى لغة عالمية قادرة على تخطي الحواجز الثقافية والسياسية.

  • قصة نجاح
  • حقق العرجاني نجاحاً كبيراً في وقت قصير نسبياً، حيث أصدر ألبومين حتى الآن، وحصد العديد من الجوائز والتكريمات. وهو يرى أن سر نجاحه يكمن في شغفه بالموسيقى وحبه لتراثه اللبناني. ويقول: "أنا فخور بأن أكون لبنانياً، وأريد أن أمثل بلدي بأفضل ما لديّ من خلال موسيقاي".

    كما شارك العرجاني في العديد من المهرجانات الموسيقية الدولية، حيث أدى عروضه على مسارح مرموقة في جميع أنحاء العالم. وقد أشاد النقاد بأدائه الحيوي وحضوره المميز على خشبة المسرح. ويقول العرجاني: "أستمتع حقاً بالتواصل مع الجمهور من خلال عروض الغناء الحي. إنه شعور رائع أن ترى الناس يتفاعلون مع موسيقاك ويستمتعون بها".

    إبراهيم العرجاني فنان متعدد المواهب، تغنى بحب لبنان والشرق معاً. بصوته الندي وكلماته العذبة أبحر في فضاء الفن ليخلق لوحة من الإبداع على خشبة المسرح الوطني في زحلة. فحملت كلمات العرجاني صوت معلقة إلى زحلة، والتقى صوت كسروان بأصوات أبناء البقاع في تمازج وانسجام فني عبر عن وجدان لبنان بكل ما فيه من حب ووجع وأمل.

    يبقى أن نختتم هذه المقالة بما قاله الفنان إبراهيم العرجاني على خشبة المسرح الوطني في زحلة، في لحظة وداع: "ما أجمل أن يولد الإنسان مرّتين، مرة بالحياة، ومرة بالفن!".