في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الضاغطة التي يواجهها بلدنا، أصبح من الصعب على الآباء توفير حياة كريمة لأبنائهم. ولقد دفع هذا الوضع الكثير من الشباب إلى البحث عن فرص أفضل في الخارج، مما أدى إلى ظاهرة جديدة وهي "ابناؤنا في الخارج".
وعلى الرغم من الحزن الذي ينتاب الآباء عند رحيل أبنائهم، إلا أنهم في الوقت نفسه يشعرون بالفخر والإعجاب بهم. إنهم يشعرون بالرضا لأنهم تمكنوا من تربية أبناء ناجحين ومتعلمين، ولأنهم يرونهم يحققون أحلامهم ويلقون النجاح في بلاد بعيدة.
ولكن، في خضم هذه المشاعر المتباينة، يتساءل الكثير من الآباء عما إذا كانوا قد فشلوا في تربية أبنائهم. هل فشلوا في توفير حياة كريمة لهم في وطنهم؟ هل فشلوا في تعليمهم قيم الحب والانتماء للوطن؟
إن الإجابة عن هذه التساؤلات معقدة. فمن ناحية، من الصعب إلقاء اللوم على الآباء الذين بذلوا قصارى جهدهم لتوفير حياة أفضل لأبنائهم. ومن ناحية أخرى، من المهم الاعتراف بأن ظاهرة "ابناؤنا في الخارج" ربما تكون علامة على وجود مشاكل عميقة في مجتمعنا.
إن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل هي نتاج سنوات من الإحباط واليأس التي تراكمت لدى الشباب. لقد فشلنا في توفير فرص العمل اللائقة لهم، وفي بناء نظام تعليمي قادر على إعدادهم لسوق العمل. كما فشلنا في خلق بيئة سياسية واقتصادية مستقرة ومشجعة.
إن رحيل أبنائنا إلى الخارج هو جرس إنذار لنا. إنه يحتم علينا أن نُعيد النظر في سياساتنا الاجتماعية والاقتصادية. ويجب أن نبدأ من جديد في بناء وطن يوفر فرصًا متكافئة لجميع مواطنيه، وطن يجعل أبناءنا يشعرون بأنهم ينتمون إليه.
أما الآباء الذين يعيشون الآن بعيدًا عن أبنائهم، فعليهم أن يعلموا أنهم ليسوا وحيدين. إن هناك العديد من العائلات الأخرى التي تمر بنفس التجربة. ويمكن لهؤلاء الآباء أن يجدوا الدعم في مجموعات التواصل الاجتماعي أو من خلال الاتصال بمنظمات تدعم المغتربين.
وعلى الرغم من الصعوبات، يجب أن نتمسك بالأمل. يجب أن نؤمن بأن أبناءنا سيحققون النجاح في الخارج، وأنهم سيعودون يومًا ما إلى وطنهم ليكونوا جزءًا من مستقبله المشرق.
وفي غضون ذلك، فلنحتفل بإنجازات أبنائنا ولنكن فخورين بهم. ولنعمل معًا على بناء وطن أفضل لجميع أبنائنا، وطن يحققون فيه أحلامهم ويبنون فيه مستقبلهم.