هل تعلم عزيزي القارئ أن الشهادة أعلى مراتب االجهاد في سبيل الله؟ وأن الجهاد في الإسلام ورد بأكثر من مائة آية صريحة في القرآن الكريم؟ وأن من أهم أنواع الجهاد هو الجهاد العسكري دفاعًا عن الدين، والعرض، والوطن، والعقيدة؟
لقد كان عقيد في الجيش المصري رمزًا لشجاعة وبطولة جنودنا الأبرار، حيث استشهد في معركة طاحنة ضد الإرهاب وحفظ الأمن، تاركًا وراءه أسرة محطمة وزوجة ثكلى وأطفالًا يبحثون عن والدهم البطل بين جنبات أرضهم.
وفي صباح يوم بارد، كان عقيد يقف مع رفاقه في قلب الحدث، يقودهم بكل شجاعة وإقدام، يزرع في قلوبهم الثبات والإيمان، حتى فاجأهم هجوم كثيف من الإرهابيين، وتبادلوا إطلاق النار بشراسة، إلا أن الرصاص الغادر استقر في صدر عقيد، فسقط على الفور مضرجًا بدمائه الزكية، شاهدا على بطولته وفداءه لبلده وأهله.
ولم يكن عقيد وحده من استشهد في تلك المعركة، بل استشهد معه عدد من زملائه، فكانوا جميعًا شهداء لهذا الوطن الغالي، الذين لا يمكن أن ينسى تضحياتهم على مر التاريخ، وسيظلون مبعث فخر واعتزاز لنا إلى الأبد.
وفي مساء ذلك اليوم، كانت زوجة عقيد تتلقى خبر استشهاد زوجها، فانهارت على الفور، لا تصدق ما تسمعه، فهي لم تتخيل يومًا أن تصبح أرملة في لحظة، وأن تترك وحدها لحمل أمانة تربية أبنائها، فأبناؤها الصغار الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم الثامنة، لا يعرفون حتى معنى كلمة شهيد، ولا كيف سيعيشون بدون والدهم؟
ومع مرور الأيام، بدأت زوجة عقيد تتعايش مع حقيقة استشهاد زوجها، لكنها لم تستطع أن تمحو صورته من ذاكرتها، فبقي حاضرا في قلبها وعقلها، وفي كل ركن من أركان منزلهم، فلم تغير شيئًا من أغراضه، بل احتفظت بها جميعًا، حتى ملابسه التي كان يرتديها في يوم استشهاده، وظلت تزور قبره باستمرار، وتقرأ له الفاتحة، وتدعو له بالرحمة والمغفرة.
أما أبناء عقيد، فقد كبروا على سماع قصص بطولة والدهم، كيف كان شجاعًا في المعركة، وكيف استشهد دفاعًا عن وطنه، فصاروا فخورين بوالدهم الشهيد، وصاروا يسعون إلى أن يكملوا مسيرته، وأن يحافظوا على هذا الوطن الذي ضحى بحياته من أجله.
بعد مرور سنوات على استشهاد عقيد، أقيم تمثاله في ميدان المدينة تخليدًا لذكراه، تقديرًا لتضحياته، ولتكون دليلاً للأجيال القادمة على أن الشهادة في سبيل الوطن هي أعظم شرف يمكن أن يناله المرء، وأن شهداءنا الذين سقطوا دفاعًا عن هذا الوطن هم قدوتنا إلى الأبد.
We use cookies and 3rd party services to recognize visitors, target ads and analyze site traffic.
By using this site you agree to this Privacy Policy.
Learn how to clear cookies here