الأسير وليد دقة.. رحلة صمود وتحدٍ




في غياهب السجون الإسرائيلية، يسطر الأسرى الفلسطينيون ملحمة صمود وتحدٍ، على مر السنين، قد يجهل الكثير قصصهم ومعاناتهم وصبرهم الجميل.

وليد دقة، أحد هؤلاء الأبطال الصامدين، الذي مضى على اعتقاله 38 عامًا، نذر حياته للدفاع عن قضية شعبه، فكان مناضلاً ومفكرًا ورمزًا للعزيمة التي لا تُقهر.

طفولة واعية

ولد وليد دقة في مدينة الناصرة عام 1956، ونشأ في أجواء وطنية وثورية، فوالده كان مناضلاً في صفوف الحزب الشيوعي الإسرائيلي، ووالدته كانت امرأة صامدة وداعمة.

منذ صغره، تأثر وليد بالقضية الفلسطينية، وشارك في المظاهرات والفعاليات الوطنية، فاعتقلته سلطات الاحتلال للمرة الأولى عام 1975 وهو في الـ 19 من عمره.

النضال والمواجهة

بعد إطلاق سراحه، واصل وليد نشاطه السياسي، وانضم للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش)، وكان من أبرز قياداتها.

في عام 1986، اتهمته سلطات الاحتلال بالانتماء لخلية عسكرية، وشارك في عملية خطف وقتل الجندي الإسرائيلي موشي تمام، وحكم عليه بالسجن المؤبد.

صمود خلف القضبان

رغم سنوات السجن الطويلة، لم يضعف عزيمة وليد، بل واجه السجانين بكل تحدٍ وصمود، ورفض الانحناء أو الاستسلام.

داخل السجون، تقلد وليد مناصب قيادية، وعمل على تنظيم وتوحيد الحركة الأسيرة، وشارك في الإضرابات عن الطعام احتجاجًا على سياسة الاعتقال الإداري والقمع الممارس بحق الأسرى.

المفكر والكاتب

إلى جانب نضاله السياسي، كتب وليد دقة العديد من المقالات والكتب التي تتناول القضية الفلسطينية والأسرى، وتتميز كتاباته بعمق الفكر والتحليل وحس الوطنية الصادق.

ومن أبرز كتبه: "عشرون عامًا على الانتفاضة، ملاحظات حول التجربة والمسار"، و"الصراع العربي الصهيوني... حرب الهوية".

رمز للإنسانية والصمود

أصبح وليد دقة رمزًا للإنسانية والصمود في وجه القمع والإذلال، وقد حظي بعشرات الجوائز والتقديرات الدولية، منها جائزة "حرية الفكر" من منظمة "أرتيكل 19"، وجائزة "جون هيوم" لحقوق الإنسان.

ومع مرور السنوات، وتحوله لأحد أقدم الأسرى الفلسطينيين، لم يتراجع عزيمته أو يفقد الأمل بالحرية، وظل يردد كلمات ملهمة: "لن أنحني أو أنكسر، وسأبقى صامدًا حتى تحقيق الحرية لشعبي وجميع الأسرى."

دعوة إلى الحرية

إن قصة وليد دقة ليست مجرد قصة أسير، بل هي قصة شعب بأكمله يرزح تحت الاحتلال، إنها قصة صمود وتحدٍ ونداء من أجل الحرية والعدالة.

وختامًا، فإن إطلاق سراح وليد دقة، وجميع الأسرى الفلسطينيين، هو مسؤولية إنسانية وأخلاقية، يجب أن يتحرك المجتمع الدولي لتحقيقها، لتنتهي معاناة شعب بأكمله وإعادة الحقوق المسلوبة.