في قلب مصر ووجدان شعبها، تتلألأ نجمة القديس العظيم البابا شنودة الثالث، الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الوطن وأبنائه. انطلق هذا القائد الروحي من دير القديس أنطونيوس على جبل القُلَّيِّم، حيث قضى سنوات طويلة في التأمل والصلاة، إلى أن اختير بابا للإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عام 1971.
كان البابا شنودة رجلًا استثنائيًا، جمع ما بين الحكمة والتواضع والتقوى. وتميز بعلمه الغزير في اللاهوت والتاريخ والمجتمع. ومن أشهر مؤلفاته "دراسة في الصلوات الليتورجية" و"المسيحية والإسلام." لم يكتف البابا شنودة بالجوانب الروحية فحسب، بل دخل أيضًا في معترك الحياة اليومية، مدافعًا عن المهمشين وحقوق الإنسان. ويُذكر له موقفه الجريء ضد استبداد السادات وقمعه للمعارضين.
ذكريات شخصية:تتدفق الذكريات الجميلة في ذهني عندما أتذكر البابا شنودة. كنت في الثانية عشرة من عمري عندما زار ديرنا الصغير. كان يومًا ممطرًا، لكن ذلك لم يمنعنا من الاصطفاف لساعات تحت المطر لالتقاط صور معه وأخذ بركته. عندما وصل إلينا، أحسست بنور وسلام غريبين. نظر إلينا بعيون مليئة بالحب والعطف، وشدَّ على أيدينا، وكأننا أبناؤه الأعزاء.
أذكر أيضًا كيف كان البابا شنودة يخصص الكثير من وقته للحديث مع الشباب. وكان يرحب دائمًا بأسئلتهم ويجيب عليها بصبر وحكمة. أتذكر إحدى المناقشات التي دارت حول دور الشباب في المجتمع. قال لنا: "أنتم أمل المستقبل، عليكم أن تكونوا قدوة للآخرين. احترموا دينكم ووطنكم، ولا تخافوا من التعبير عن آرائكم."
إرث البابا شنودة:رحل البابا شنودة عن عالمنا عام 2012، تاركًا فراغًا كبيرًا في قلوب المصريين. لكن إرثه لا يزال حيًا في كلمات حكمته وتعليماته. لقد كان رسولًا للسلام والتسامح، ودافعًا عن الوحدة الوطنية. ومبادئه الأساسية، مثل أهمية التعليم والعمل الجاد واحترام الآخرين، لا تزال تلهم الأجيال الجديدة.
الدروس المستفادة من حياة البابا شنودة:ختامًا، إن حياة البابا شنودة وما تركه من إرث روحي ووطني ستظل مصدر إلهام للأجيال القادمة. لقد كان حقًا قديسًا عظيمًا أضاء حياة المصريين بنور حكمته وعطفه. ولا تزال كلماته وعمله الطيب يرشداننا في طريقنا نحو مجتمع أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا.