في زحام عاصمة الخلافة العباسية، حيث كان العلم والتجارة والفنون تزدهر، وفي قلب بغداد القديمة، نشأت "الترجي" لتصبح من أقدم وأشهر الأحياء الشعبية في المدينة.
كان حي الترجي ملتقى الشعراء والكتاب والفنانين، وكان شاهداً على تاريخ بغداد العريق. اليوم، ما زال الحي يزخر بالحكايات والقصص التي روتها أجيال من سكانه.
كانت الترجي موطناً لأناس من جميع مناحي الحياة، من التجار إلى الحرفيين إلى العمال. ومثل أي حي شعبي، كانت الترجي مليئة بالحياة والحيوية. وكانت تزدهر فيها الأسواق والشوارع المزدحمة، وكان سكانها يتمتعون بروح الجماعة القوية.
مع مرور الوقت، أصبحت الترجي أكثر من مجرد حي؛ لقد أصبحت رمزاً للأصالة البغدادية. وظهر اسمها في الأدب والفن والموسيقى، وأصبحت ذكراها محفورة في قلوب أهل بغداد.
لكن الترجي لم تقتصر شهرتها على بغداد، فقد عبرت حدودها لتصل إلى عواصم أوروبية عديدة. وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، هاجر العديد من سكان الترجي إلى أوروبا بحثاً عن حياة أفضل.
في مدن مثل باريس ولندن ونيويورك، أسس المهاجرون من الترجي مجتمعاتهم الخاصة، وأحضروا معهم ثقافتهم وتقاليدهم. وأصبحوا سفراء للأصالة البغدادية، مما ساعد على تعريف العالم بحيهم العريق.
اليوم، لا يزال حي الترجي يمثل قلب بغداد النابض. وهو موطن لمزيج من القديم والجديد، حيث تتجاور المباني التاريخية مع المباني الحديثة، ويختلط الماضي بالحاضر.
ومع كل جيل جديد، تستمر الترجي في التطور والتغير، لكنها تحتفظ دائمًا بسحرها وروحها الفريدة. إنها الحي الذي يذكرنا بجذورنا وتاريخنا، ويمنحنا الأمل في مستقبل مشرق.