في خضم بحر المعرفة الواسع، يبرز اسم لامع في سماء الأدب العربي، اسم ارتبط باللغة العربية وجمالياتها، اسم ترك بصمة واضحة في مسيرة هذا العلم العظيم. إنه الدكتور فاضل السامرائي، اللغوي والأكاديمي العراقي الذي أفنى حياته في خدمة اللغة العربية وبيان أسرارها وأسرارها.
ولد الدكتور فاضل السامرائي في مدينة سامراء عام 1933. نشأ في بيئة علمية وأدبية غنية، حيث كان والده عالماً لغوياً مرموقاً. منذ صغره، أظهر اهتماماً كبيراً باللغة العربية وتعلقاً شديداً بها.
تلقى تعليمه في جامعة بغداد، حيث درس اللغة العربية وآدابها. وتتلمذ على يد كبار أساتذة اللغة، الذين لقّنوه أصولها وفنونها. وكان من بين أساتذته العلامة محمود محمد شاكر، الذي كان له تأثير كبير في تشكيل فكره اللغوي.
بعد تخرجه من الجامعة، بدأ الدكتور السامرائي مسيرته التدريسية في جامعة بغداد، حيث شغل منصب أستاذ اللغة العربية. وقد قضى أكثر من ثلاثة عقود في التدريس والبحث العلمي، تاركاً بصمة واضحة في نفوس طلابه.
كان الدكتور السامرائي عالماً لغوياً متمكناً، وبيانياً بارعاً. وقد اشتهر بمقدرته الفائقة على شرح النصوص العربية وتحليلها، وكشف أسرار جمالها البياني. وكان له أسلوب فريد في التدريس، يمزج بين العلم والمتعة، فيجعل طلابه ينهلون من درسه كنبع عذب من المعرفة.
ولم يقتصر عطاء الدكتور السامرائي على التدريس فقط، بل كان كاتباً غزيراً وناقداً أدبياً بارعاً. وقد نشر العديد من الكتب والمقالات المهمة في مجال اللغة العربية والأدب، والتي أصبحت مرجعاً أساسياً للباحثين والطلاب.
من أهم مؤلفاته كتاب "لمسات بيانية"، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات والدراسات التي تتناول مختلف جوانب البيان في القرآن الكريم والأدب العربي. وقد نال هذا الكتاب شهرة واسعة وأثنى عليه كبار اللغويين.
كما كان للدكتور السامرائي دوراً بارزاً في الحركة النقدية الأدبية في العراق. وكان من أشد المدافعين عن اللغة العربية الفصحى، داعياً إلى الحفاظ على نقائتها وجودتها.
حظي الدكتور فاضل السامرائي بتكريم وتقدير واسعين من المؤسسات العلمية العربية والعالمية. وقد حصل على العديد من الجوائز والأوسمة تقديراً لجهوده العلمية المتميزة. كما منحته جامعة بغداد درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب.
غادرنا الدكتور فاضل السامرائي في عام 2021، تاركاً وراءه إرثاً علمياً كبيراً في مجال اللغة العربية. وسيظل اسمه محفوراً في ذاكرة كل محب للغة العربية وآدابها، وستبقى مؤلفاته منارة تضيء للباحثين والطلاب طريق المعرفة والبيان.