في مدينة القاهرة الصاخبة، حيث يختلط الماضي بالحاضر، يقع قصر الاتحادية، مقر رئاسة جمهورية مصر العربية، رمزًا للسلطة والقوة. ومن بين جدرانه المهيبة، يجلس عبد الفتاح السيسي، الرئيس الذي أثار جدلاً واحتجاجات منذ انتخابه عام 2014.
وُلد عبد الفتاح السيسي في حي الجمالية الشعبي بالقاهرة عام 1954، والتحق بالجيش في سن مبكرة. وصعد في الرتب ليصبح رئيسًا للمخابرات الحربية في عام 2010. بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام مبارك عام 2011، عُين السيسي وزيراً للدفاع. وفي أعقاب عزل الرئيس محمد مرسي عام 2013، أصبح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة.
في عام 2014، انتُخب السيسي رئيسًا للجمهورية بنسبة 96.9% من الأصوات، في انتخابات قاطعتها جماعة الإخوان المسلمين. منذ ذلك الحين، حكم السيسي البلاد بقبضة حديدية، حيث قمع المعارضة السياسية وقيد حرية الصحافة. كما شن حربًا صارمة على الإرهاب أسفرت عن مقتل الآلاف.
قسمت رئاسة السيسي البلاد. يرى مؤيدوه فيه قوة استقرار، رجلًا قويًا يواجه التحديات الهائلة التي تواجه مصر. ويشيدون بتحسينه للأمن القومي وإصلاحاته الاقتصادية. أما منتقدوه فيعتبرونه ديكتاتورًا قمع حكمه الحريات الأساسية للشعب المصري.
فمثلاً، يُتهم السيسي بارتكاب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان. فقد وثقت منظمات حقوق الإنسان حالات تعذيب وإخفاء قسري وقتل خارج نطاق القضاء. كما قُيدت حرية التعبير والتجمع بشكل كبير.
وعلاوة على ذلك، شهدت فترة حكم السيسي تدهورًا في الوضع الاقتصادي لمصر. لقد أدت الإجراءات التقشفية التي فرضها صندوق النقد الدولي إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. كما عانت مصر من انخفاض قيمة الجنيه وتضخم متزايد.
وبغض النظر عن هذه التحديات، لا يزال السيسي يتمتع بشعبية بين قطاعات معينة من المجتمع المصري. يُنظر إليه على أنه رجل عسكري قوي يحافظ على البلاد آمنة من التهديدات الداخلية والخارجية. كما حقق بعض التقدم في مكافحة الإرهاب وإصلاح الاقتصاد.
ومع ذلك، فإن مستقبل مصر تحت حكم السيسي لا يزال غير مؤكد. لا تزال البلاد تواجه تحديات هائلة، بما في ذلك الفقر والبطالة والإرهاب. وسيتعين على السيسي معالجة هذه القضايا من أجل كسب ود الشعب المصري. وفي الوقت نفسه، يجب عليه احترام الحقوق والحريات الأساسية للشعب.
وفي نهاية المطاف، سيحكم التاريخ على رئاسة السيسي. لكن في الوقت الحالي، لا تزال مصر منقسمة حول ما إذا كان حكمه حلمًا أم كابوسًا.