الشيخ محمد حامد السلكاوي.. شيخ القراءات السبع في العالم
بسم الله الرحمن الرحيم*المدخل:*
بين ثنايا الزمن، وتحت سماء العلم والمعرفة، بزغ نجم الشيخ الجليل، محمد حامد السلكاوي، شيخ القراءات السبع الذي أضاء الدنيا بعلمه وحكمته. إنه إمام جليل شهد له القاصي والداني بفضله وسعة علمه، فقد كان بمثابة منارة هدى للراغبين في تعلم علوم القراءات وتجويد القرآن الكريم.
*حياته ونشأته:*
وُلد الشيخ محمد حامد السلكاوي في مدينة السلكا بمحافظة الدقهلية في جمهورية مصر العربية عام 1914م. نشأ في بيت علم ودين، فوالده كان إمامًا وخطيبًا، الأمر الذي أثر في نشأته وميوله العلمية. وقد ظهرت موهبته الفذة في حفظ القرآن الكريم وتجويده منذ نعومة أظفاره.
تلقى الشيخ علومه الأولية في الكتاب وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة. ثم التحق بالأزهر الشريف حيث درس علوم اللغة العربية والدين الإسلامي. كانت رحلته في الأزهر رحلة حافلة بالجد والاجتهاد، فبرع في جميع العلوم التي درسها، وتفوق على أقرانه في علوم القراءات والتجويد.
*رحلته العلمية:*
لم يكتف الشيخ السلكاوي بما حصله من علم بالأزهر، بل شرع في رحلة علمية طويلة طلبًا للمزيد من المعرفة والإتقان في علوم القراءات. فارتحل إلى عدد من البلدان العربية والإسلامية، حيث لقي كبار علماء القراءات والتجويد في عصره، وقرأ عليهم وناظرهم وأخذ عنهم الإجازات العلمية.
من بين شيوخه الذين أجازه: الشيخ علي محمود، والشيخ عبد الفتاح القاضي، والشيخ محمد رفعت. وقد جمع الشيخ السلكاوي خلال رحلته العلمية أسانيد متعددة في القراءات السبع، وصار من كبار المقرئين في العالم الإسلامي.
*تأسيس المعهد العالي للقراءات:*
بتوجيه من وزارة الأوقاف المصرية، أسس الشيخ السلكاوي المعهد العالي للقراءات في مدينة السلكا عام 1970م. كان الهدف من إنشاء هذا المعهد هو إعداد جيل جديد من القراء المتميزين الذين يجيدون علوم القراءات والتجويد. وقد كان المعهد منارة علمية ساهمت بشكل كبير في نشر علوم القراءات وتخريج أجيال من القراء والمقرئين المتميزين.
ترأس الشيخ السلكاوي المعهد العالي للقراءات حتى وفاته عام 1992م. وخلال فترة رئاسته، شهد المعهد نهضة علمية كبيرة، حيث تم تطوير المناهج الدراسية وإعداد نخبة من الأساتذة المتخصصين في علوم القراءات والتجويد.
*مؤلفاته العلمية:*
كان الشيخ السلكاوي مؤلفًا غزير الإنتاج، فقد ألف العديد من الكتب والرسائل العلمية في علوم القراءات والتجويد. ومن أشهر مؤلفاته:
- مصباح القاري فيما يتعلق بمبادئ التجويد
- غاية المرام في علم رسم القرآن
- القراءات العشر بين السند والإسناد
- إتحاف الفضلاء بشرح طيبة النشر
- البحر المحيط في شرح الوجوه والنظائر
وقد تميزت مؤلفات الشيخ السلكاوي بدقتها العلمية ووضوحها، مما جعلها مرجعًا مهمًا للباحثين والدارسين في علوم القراءات والتجويد.
*الإنجازات والتكريمات:*
حصل الشيخ محمد حامد السلكاوي على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لعلمه وجهوده في نشر علوم القراءات والتجويد. ومن أبرز هذه الجوائز:
- جائزة الدولة التقديرية في العلوم الدينية
- وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من جمهورية مصر العربية
- وسام الأرز من لبنان
- وسام الاستقلال من الأردن
كما كرمه عدد من الجامعات والهيئات العلمية ومنحته الدكتوراه الفخرية تقديرًا لعلمه وإسهاماته في علوم القراءات والتجويد.
*وفاته وإرثه العلمي:*
توفي الشيخ محمد حامد السلكاوي في عام 1992م عن عمر يناهز 78 عامًا. وقد ترك خلفه إرثًا علميًا كبيرًا متمثلاً في مؤلفاته وتلاميذه الذين علمهم ونشر علوم القراءات والتجويد في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
ظل الشيخ السلكاوي رمزًا للعلم والمعرفة، ومصدرًا للإلهام للأجيال القادمة. وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرة التاريخ كأحد أبرز علماء القراءات والتجويد في العالم الإسلامي.
*الدعوة إلى حفظ القرآن الكريم وتجويده:*
إن الشيخ محمد حامد السلكاوي كان داعيًا إلى حفظ القرآن الكريم وتجويده. فقد كان يرى أن حفظ القرآن وتجويده من أهم العبادات وأفضل القربات إلى الله تعالى. وقد كان يدعو الناس إلى الاهتمام بتحسين صوتهم وتجويد تلاوتهم للقرآن الكريم.
ومن وصاياه في هذا الصدد: "إن القرآن نورًا، وهدى وشفاء، فاحرصوا على حفظه وتجويده. واستعينوا بالله في ذلك، فإنه لن يضيع جهدًا مبذولًا في سبيل مرضاته".
*ال:*
كان الشيخ محمد حامد السلكاوي شيخًا جليلًا وعالمًا فاضلًا، وواحدًا من أبرز علماء القراءات والتجويد في العالم الإسلامي. وقد ترك خلفه إرثًا علميًا كبيرًا، وتلاميذ حملوا رسالته ونشروا علوم القراءات والتجويد في جميع أنحاء العالم.
رحم الله الشيخ محمد حامد السلكاوي وأثابه على علمه وجهوده في نشر علوم القرآن الكريم، وألهمنا جميعًا السير على دربه في حفظ القرآن الكريم وتجويده.