الشيخ مصطفى العدوي.. من خشونة الميل إلى لين القبول




في خضم الحياة المتسارعة، وتكالب الصعوبات والمحن، نحتاج إلى نبراس يضيء لنا الطريق، وإلى مرشد يرشدنا إلى الرشاد، وإلى الشيخ مصطفى العدوي، طيب الله ثراه، الذي كان بلسما لجروح القلوب، ونبراسا للضائعين في ظلمات الحياة.

النشأة والمسيرة

ولد الشيخ مصطفى العدوي عام 1928م، ونشأ في أسرة بسيطة في قرية دكرنس التابعة لمحافظة الدقهلية، وكان منذ صغره يتسم بالحرص على التعلُّم، والاجتهاد في حفظ القرآن الكريم، حتى حفظَه وهو في العاشرة من عمره.

بعد أن أتم حفظ القرآن الكريم، انتظم الشيخ مصطفى العدوي في الدراسة بالأزهر الشريف، وتتلمذ على يد كبار علمائه، فدرس الفقه، والتفسير، والحديث، والأدب، وتخرَّج بتفوق، وحصل على العالمية مع مرتبة الشرف الأولى.

أسلوب فريد

كان الشيخ مصطفى العدوي صاحب أسلوب فريد في الدعوة إلى الله، فقد كان قريبا من الناس، بعيدا عن التعالي والتصنُّع، وكان يتحدث إلى قلوبهم، بلغة سهلة وبسيطة، وينزل إلى مستوياتهم، ويتعامل معهم بلين ورحمة.

لم يكن الشيخ مجرد داعية يُلقي الخطب، بل كان شاهدا على ما يدعو إليه، فكان خلقه القرآن يمشي بين الناس، وكان يتمثَّلُ ما يأمر به، وينتهي عما ينهى عنه، وهذا ما أكسبه ثقة الناس ومحبتهم.

دروس وعبر

لقد ترك الشيخ مصطفى العدوي إرثا عظيما من الدروس والعبر، فكان يدعو إلى التمسك بالإسلام الصحيح، والتمسُّك بالسنة النبوية، والتحلِّي بالأخلاق الفاضلة.

كان الشيخ يحذِّر من الغلو والتعصب، ويُنادي بالوحدة والتقارب بين المسلمين، وكان يقول: "نحن أتباع محمد، وكلنا إخوان على الإسلام".

رحل الجسد وبقيت الروح

توفي الشيخ مصطفى العدوي عن عمر ناهز 70 عاما، ولكن ذكراه لا تزال حية في قلوب الناس، وظلَّت أشرطته المسجلة ومؤلفاته منارة يستضيء بها كل ضال وتائه.

إن الشيخ مصطفى العدوي كان نموذجا للإنسان المسلم الذي جمع بين اللين والقوة، وبين العلم والعمل، وبين الزهد والتقوى، رحم الله الشيخ مصطفى العدوي، وأسكنه فسيح جناته.