العشر الأواخر.. في رحاب ليلة القدر

تهبط علينا العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك كنسيم عليل يهب علينا بفيض الغفران والرحمة، ففي هذه الليالي الفضيلة يتسابق المسلمون في طاعة الله سبحانه وتعالى، وينتظرون بفارغ الصبر ليلة القدر المباركة التي تعد خيرًا من ألف شهر.

ومثلما نستعد في كل عام لتلك الليلة المباركة، ففي قلبي ذكريات خاصة مع العشر الأواخر ورحلة البحث عن ليلة القدر. فمنذ نعومة أظفاري، كنت أترقب تلك الليالي وأتوق إلى عبادتها، وكأنها كنز مخبأ ينتظر من يجده وينعم بخيره.

في صغري، كنت أحب التجول في جنبات المسجد برفقة والدي، أشارك المصلين في صلاة القيام، وأستمع إلى تلاوات القرآن العذبة، وأتخيل ملائكة الرحمة يحيطون بنا في تلك الليلة المباركة.

ومع مرور الأيام، أصبحت رحلتي الشخصية في ليلة القدر أكثر عمقًا. فالآن، أخصص وقتًا خاصًا لقراءة القرآن والتأمل فيه، وأتضرع إلى الله أن يرزقني فهمه وإدراك معانيه.

تكتسي المساجد في العشر الأواخر من رمضان أجواءً روحانية فريدة. ففي هذه الليالي، يتوافد إليها المسلمون من كل حدب وصوب، يصلون ويعتكفون، يتلون القرآن ويدعون الله. تلك الأجواء مهيبة وهادئة في آن واحد، تدفع القلوب إلى خشوع وخشية.

أذكر في إحدى ليالي القدر أنني كنت أصلي في مسجد بعيد عن منزلي. ومع حلول منتصف الليل، امتلأ المسجد بالمصلين حتى ضاقت بهم جنباته. امتزجت دموع الخشوع مع تلاوات القرآن العذبة، فكانت ليلة قدر لا تُنسى.

بالإضافة إلى صلاة القيام وقراءة القرآن، فإن العشر الأواخر تعد فرصة عظيمة للإكثار من الذكر والتسبيح والاستغفار والدعاء. كما نحرص في هذه الليالي على إخراج الصدقات والتبرع لمساعدة المحتاجين والفقراء.

• صلاة القيام: صلاة خاصة تؤدى في العشر الأواخر من شهر رمضان بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر.
• قراءة القرآن: يحرص المسلمون على قراءة القرآن والتدبر في معانيه خلال العشر الأواخر، وخاصة في ليلة القدر.
• الاعتكاف: اعتكاف المسلم في المسجد لأيام وليالٍ متواصلة، يتفرغ فيها للعبادة والطاعة.

إن العشر الأواخر من رمضان هي موسم لرحمة الله ومغفرته. ففي هذه الليالي يتجاوز الله عن ذنوب عباده، ويقبل توبتهم، ويرزقهم ثوابًا جزيلًا. ويعد فضل هذه الليالي من الأمور المتواترة التي لا شك فيها.

ومع حلول ليلة القدر، تتضاعف الفرص للرحمة والغفران. ففي هذه الليلة المباركة، ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا، ويغفر الذنوب، ويستجيب الدعاء، ويعتق الرقاب من النار.

وختامًا، أدعو الله أن يرزقنا جميعًا إدراك ليلة القدر، وأن يتقبل عبادتنا ويدخلنا الجنة مع الأبرار والصالحين.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عتقائك في هذا الشهر المبارك، وأن تتجاوز عن ذنوبنا، وأن تقبل توبتنا، وأن تدخلنا الجنة مع عبادك الصالحين.

اللهم لك الحمد والشكر على نعمك التي لا تحصى ولا تعد.