ولدت رانيا منصور من رحم الفن، فحملته في شرايينها وأنسابها وأحشائها، وتفتحت عيناها على ألوانه وخطوطه وأشكاله منذ نعومة أظافرها. رأت العالم بعين فنانة، ترى الجمال في أبسط الأشياء، وتجد الإبداع في أدق التفاصيل.
بدأت رانيا رحلتها مع الفن منذ الصغر، متأثرة بوالدها الفنان الذي غرس فيها حب الفن منذ نعومة أظافرها. كانت تتسلل إلى مرسمه خلسة، وتراقب باندهاش كيف يحول لمسات ريشته القماش الأبيض إلى عوالم ساحرة. كانت تلتقط أقلام الرصاص والألوان، وتحاول تقليد حركاته، وتخلق عالمها الخاص على أوراق الرسم.
مع مرور السنين، نمت موهبة رانيا وتطورت، وأصبحت شغفها الوحيد الذي لا تستطيع العيش بدونه. التحقت بكلية الفنون الجميلة، حيث صقلت موهبتها وتعلمت تقنيات وأساليب مختلفة في الرسم والتصوير والنحت. كانت طالبة متفوقة، حريصة على اكتساب كل ما تقدمه الكلية.
بعد تخرجها، بدأت رانيا مسيرتها الفنية باحترافية، وسرعان ما لفتت أعمالها أنظار النقاد والجمهور على حد سواء. انبهر الجميع بحسها الفني المرهف، ودقة ملاحظتها، وقدرتها على نقل المشاعر والأحاسيس من خلال لوحاتها.
تميزت أعمال رانيا بتنوعها الغني، من البورتريه إلى المناظر الطبيعية إلى التجريد. كانت تحب استكشاف جوانب مختلفة من الفن، وتجريب تقنيات وأساليب جديدة. كانت أعمالها دائماً تعكس رؤيتها للعالم، وانطباعاتها الشخصية، وذكرياتها.
كان أحد أبرز أعمال رانيا سلسلة لوحاتها بعنوان "حكايات من الشارع"، والتي صورت فيها الحياة اليومية لأبناء الشعب المصري. كانت لوحاتها مليئة بالحياة والحركة، ونقلت المشاهد إلى قلب الشارع المصري بكل ما فيه من جمال وبؤس.
اشتهرت رانيا أيضاً بلوحاتها التجريدية، والتي كانت تعبر فيها عن عواطفها وأحاسيسها الداخلية. كانت ألوانها جريئة وفرشاتها عنيفة، وكأنها تترجم الصراعات الداخلية التي تدور بداخلها على القماش.
لم تقف مسيرة رانيا الفنية عند الرسم والتصوير فحسب، بل امتدت لتشمل النحت. كانت أعمالها النحتية فريدة من نوعها، تجمع بين الأشكال الهندسية والخطوط العضوية. كانت تستخدم مواد مختلفة مثل الحجر والرخام والبرونز، لخلق أشكال تجريدية تعبر عن تفاعلها مع العالم المحيط بها.
لم تكن رانيا فنانة فحسب، بل كانت أيضاً معلمة رائعة. كانت شغوفة بنقل شغفها للفن إلى الأجيال القادمة، وعملت على تأسيس مدرسة لتعليم الفنون للأطفال والشباب. كانت تؤمن بأهمية الفن في تنمية المهارات الإبداعية والقدرات الفكرية للأطفال.
كانت رانيا منصور فنانة متكاملة، عاشت للفن وأبدعت من أجله. كانت أناملها الدافئة ترسم الحياة على القماش والحجر، وتنقل المشاعر والأحاسيس إلى قلوب المشاهدين. تركت وراءها إرثاً فنياً عظيماً سيظل يلهم الأجيال القادمة.
We use cookies and 3rd party services to recognize visitors, target ads and analyze site traffic.
By using this site you agree to this Privacy Policy.
Learn how to clear cookies here