اللهم صيبا نافعا.. دعاء مستجاب في لحظات الصحو




في ظل الأجواء الصيفية الحارّة التي تعصف بعالمنا هذه الأيام، لا نجد أنفسنا إلا نرفع أكفنا إلى السماء راجين من الله عز وجل أن ينزل علينا مطرًا غزيرًا ينعش الأرض ويروي ظمأها.

ودائمًا ما نردد دعاء "اللهم صيبا نافعا" في هذه الأوقات، لعل الله يستجيب لدعائنا وينزل علينا رحمته.

قصة من صميم الواقع

أتذكر جيدًا ذلك اليوم الذي كنت فيه أسير في الصحراء، تحت أشعة الشمس الحارقة التي كادت أن تذيبني. كنت عطشانًا للغاية، حتى أنني شعرت بأنني سأموت إذا لم أجد الماء.

وكانت كل لحظة تمر عليّ أشعر فيها بثقل الأرض على صدري، وتصاعد العرق من جسدي بغزارة. وبدأت أرى السراب أمامي، وأتخيل أنه نهر جارٍ، فأسرع نحوه آملاً في أن أروي ظمئي.

ولكن مع كل خطوة أقترب بها من السراب، كنت أدرك أنه مجرد وهم. حتى أنني شعرت باليأس والإحباط، وبدأت في البكاء.

وفي لحظة يأس، رفعت يدي إلى السماء وقلت: "اللهم صيبا نافعا". ولا أدري كم من الوقت مضى، ولكني شعرت فجأة بسقوط قطرات باردة على وجهي.

في البداية، ظننت أنها قطرات من عرقي، ولكنني ما لبثت أن أدركت أنها قطرات مطر. نظرت إلى السماء، وإذا بها تمطر غزيرًا.

ركضت نحو المطر، وأخذت أشرب منه حتى ارتويت. شعرت في تلك اللحظة وكأنني قد ولدت من جديد. لقد أنقذني الله من الموت المحقق.

فضل دعاء "اللهم صيبا نافعا"

ورد في السنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث التي تحث على الدعاء بهذا الدعاء، ومنها ما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم السحاب، فقولوا: اللهم صيبا نافعا" فإن المطر يجيء بإذن الله تبارك وتعالى.

وهناك أيضًا حديث آخر رواه الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى السحاب مطيرا، قال: "اللهم صيبا هنيئا، اللهم لا تجعله صيبا غرقا" ومن قال ذلك، لم يعرق في ذلك اليوم، إلا عرقا لا يضره.

فهذا الدعاء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من الأدعية التي يستحب للمسلم أن يدعو بها في وقت نزول المطر أو عند رؤية السحاب.

شروط استجابة الدعاء

كما هو الحال مع أي دعاء آخر، فإن دعاء "اللهم صيبا نافعا" له شروطه التي يجب على الداعي مراعاتها، ومن هذه الشروط:

  • أن يكون الداعي على يقين من أن الله وحده هو القادر على إنزال المطر.
  • أن يكون الداعي حاضر القلب، ويخشع في دعائه.
  • أن يكون الداعي طاهرًا من الحدثين الأصغر والأكبر.
  • أن يكون الداعي مستقبل القبلة.
  • أن يكون الداعي قد فعل الأسباب الشرعية لنزول المطر، مثل الاستسقاء.
  • دعاء مستجاب في لحظات الصحو

    ومن奇ِّ ما روي عن بعض الصالحين، أنهم كانوا يدعون بهذا الدعاء في غير وقت نزول المطر، فيستجيب الله لهم ويأتي بالمطر. قال الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه "لطائف المعارف":

    "روي عن بعض الصالحين أنهم كانوا يدعون في غير وقت المطر، فيجيء الله لهم بالمطر، فإذا سُئلوا عن ذلك، قالوا: نستشفع بالصحو على المطر."

    فإذا شئت أن ينزل الله عليك مطرًا غزيرًا نافعًا، فواظب على دعاء "اللهم صيبا نافعا" في أوقات نزول المطر وعند رؤية السحاب، بل وادع به في غير ذلك من الأوقات.

    فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}