لم يخطر ببالي يومًا أن أكون "منبوذًا"، حتى ذلك اليوم الذي وصفني به جاري.
كنت جالسًا أمام منزلي، استمتع بنسمات المساء العليلة، عندما باغتني جاري بسؤال مفاجئ:
"أنت متوحش رقم 27، أليس كذلك؟"
صعقت الكلمات كالصاعقة، لم أكن أعرف ما الذي يتحدث عنه. حاولت الاستفسار، لكن جاري ابتعد عني دون أن ينطق بكلمة.
عدت إلى المنزل مرتبكًا، ذهني مشغول بالكلمات التي سمعتها. بدأت أبحث عن أي شيء يتعلق بـ "المتوحش 27"، ولم يطل بي البحث حتى وجدت ما كنت أخشاه.
اتضح أن "المتوحش 27" هو لقب يطلق على الأشخاص الذين يفضلون العزلة والانطواء على الآخرين. الأشخاص الذين لا يحبون الاختلاط أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
لم أصدق ما أقرأه، هل حقًا يُطلق عليَّ هذا اللقب؟ هل هذا هو تصور الناس لي؟
شعرت بخيبة أمل كبيرة، لقد كنت دائمًا أعيش في عوالمي الخاصة، لكن لم أتوقع يومًا أن أكون بهذا السوء.
منذ ذلك اليوم، تغيرت حياتي. أصبحت خائفًا من مقابلة الناس، وبدأت أتجنب أي تفاعل اجتماعي. شعرت أنني وحيد ومعزول أكثر من أي وقت مضى.
ولإثبات أن جاري لم يكن الوحيد الذي يرى فيَّ متوحشًا، فقد لاحظت معاملة الناس الغريبة لي. كانوا يتجنبون الحديث معي، وينظرون إليَّ بريبة وعدم ارتياح.
حتى أطفالي بدأوا يتأثرون. كانوا يعودون من المدرسة ليخبروني أن أصدقائهم يسخرون منهم ويطلقون عليهم "أبناء المتوحش".
وصل الأمر بي إلى درجة الاكتئاب. لم أكن أعرف ماذا أفعل. لم أعد أتحمل كوني منبوذًا.
في إحدى الليالي، كنت أجلس في غرفتي، غارقًا في أفكاري السوداوية، عندما طرق أحدهم بابي.
فتحت الباب لأجد جارتي تقف أمامي، تحمل بين يديها طبقًا من الكعك.
"سمعت بما حدث، أردت فقط أن أخبرك بأنني لا أعتقد أنك متوحش."، قالت.
لم أصدق ما أسمعه، فرحة عارمة غمرتني. شكرت جارتي على لطفها، وبدأت في البكاء كطفل صغير.
منذ ذلك اليوم، بدأت حياتي تتغير. لم يعد الناس ينظرون إليَّ بنفس الطريقة. أدركت أن كوني انطوائيًا لا يجعلني متوحشًا.
اليوم، ما زلت أفضل العزلة والانطواء، لكنني لم أعد أشعر بالوحدة أو العزلة. لأنني أعلم أنني محبوب ومقبول كما أنا.