لا يخفى على أحد ما تتمتع به السينما المصرية من مكانة مرموقة على الساحة العالمية، فقد أبدعت العديد من الأفلام الخالدة التي لا تزال تحظى بإعجاب الجماهير حتى يومنا هذا. وكان للمخرجين المصريين دور كبير في هذا النجاح، ومن بين هؤلاء المخرجين المتميزين يأتي اسم المخرج القدير عصام الشماع.
ولد عصام الشماع في عام 1948 في القاهرة، ونشأ في أسرة فنية عريقة. فوالده هو المخرج الكبير إبراهيم الشماع، وعمه هو الموسيقار الراحل كمال الطويل. وقد تأثر الشماع كثيرًا بوالده، وبدأ في تعلم أسس الإخراج السينمائي منذ الصغر.
بعد تخرجه من معهد السينما قسم الإخراج، بدأ الشماع مسيرته المهنية كمساعد مخرج في العديد من الأفلام الشهيرة، منها "عودة الابن الضال" و"غريب في بيتي" للمخرج يوسف شاهين، و"القاهرة 30" للمخرج صلاح أبو سيف. وكانت هذه التجارب بمثابة مدرسة عملية مهمة للشماع، حيث اكتسب خلالها الكثير من الخبرات والمهارات.
في عام 1979، أخرج الشماع أول أفلامه الروائية الطويلة "عيب يا لولو"، والذي حقق نجاحًا كبيرًا وحصل على العديد من الجوائز. وكان هذا الفيلم بمثابة انطلاقة قوية للشماع، وتلاه عدد كبير من الأفلام المميزة، منها:
تميز أسلوب الشماع الإخراجي بالواقعية والبساطة. فهو كان يحرص على تقديم الشخصيات والمواقف بشكل صادق ومن دون تزييف. كما كان معروفًا باهتمامه بالتفاصيل الصغيرة التي تجعل أفلامه غنية وذات مصداقية.
بالإضافة إلى ذلك، كان الشماع مهتمًا بالجانب الاجتماعي والسياسي في أفلامه. فقد تناول في كثير من أعماله قضايا اجتماعية مهمة، مثل الفقر والفساد والتطرف الديني. وكان يقدم هذه القضايا بطريقة مؤثرة ومحايدة، دون أن يميل إلى أي طرف.
ترك المخرج عصام الشماع إرثًا سينمائيًا غنيًا ومتنوعًا. فقد أخرج أكثر من 30 فيلمًا روائيًا طويلًا، بالإضافة إلى العديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية. وحصل على العديد من الجوائز تقديرًا لإنجازاته الفنية، منها جائزة أحسن إخراج في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1986 عن فيلمه "عودة مواطن".
رحل المخرج عصام الشماع عن عالمنا في عام 2018، إلا أن أفلامه لا تزال حية في ذاكرة الجماهير. وهو يعتبر أحد أهم المخرجين في تاريخ السينما المصرية، وقد ترك بصمة واضحة على هذا الفن الراقي.