الملل: للإنسان عدوان كريته ضيقة

لا أعلم إن كان قد حدث لك أن واجهت هذا الطريق المسدود الذي ينتهي به الأمر بكل تلك الآفاق التي كانت مفتوحة على مصراعيها، وتتقوقع في جسدك وفي مشاعرك، فيصبح لزامًا عليك أن تمكث هناك في صمت وألا تقول شيئًا، لماذا؟ لأن لا أحد يستطيع المساعدة.
لا أعلم إن كان قد حدث لك أن كتبت قائمة طويلة عريضة بأشياء لا تريد فعلها، لا تريد فعلها ولا حتى تحدث نفسك عنها.
لا أعلم إن كنت شعرت بهذا العجز الذي ينخر فيك ويتركك تتساءل إن كان بإمكانك النهوض مرة أخرى.
أعلم، يا صديقي، أنه أمرٌ بالغ الصعوبة، لكنك لست وحدك، فهناك العديد ممن واجهوا هذا التيه وإن كان لبعض الوقت، تلك المساحة التي لا تستطيع الهروب منها، إنه أمرٌ محبط للغاية ويجعلك عاجزًا تمامًا عن فعل أي شيء.
الملل، ذاك العدو اللدود للإنسان، الذي يحول دون تقدمك، والذي يجعلك تكدس نفسك بالأعمال كي لا تشعر به، لكنه يتغلب عليك في النهاية، بالطبع سيغلبك، فأنت لا تستطيع محاربة لا شيء وأنت في حالة من لا شيء.
لذا عند شعورك بالملل بادر بالحديث بهذه المودة والحب:
"يا صديقي، هل يمكننا الحديث؟"
"أنا بحاجة إلى مساعدتك، فأنا أشعر بالملل، وأنت تشعر به أيضًا، ليس كذلك؟"
"أعلم أنه أمرٌ صعب للغاية، لكن لا يمكننا الهرب من مواجهته"
"نريد أن نصبح أشخاصًا أفضل، أشخاصًا منتجين وفاعلين، لكن إذا لم نتحدث عن المشكلة فلن نستطيع حلها أبدًا".

وأنت تخبر نفسك بهذه الكلمات، كن واعيًا تمامًا لما تقوله، انظر في المرآة وحدِّث نفسك بصوت مسموع.

إذا واجهتك صعوبة في التعبير عن شعورك بالملل، لا بأس بذلك، يمكنك دائمًا الكتابة عنه، أو الرسم، أو التمثيل، أو الرقص، أو الغناء، أو أي شيء آخر يساعدك على التعبير عن نفسك.
بمجرد أن تتمكن من التعبير عن شعورك بالملل، يمكنك البدء في معالجته. يمكنك التحدث إلى شخص ما عن الأمر، أو يمكنك قراءة الكتب أو المقالات حول الملل، أو حتى يمكنك الانضمام إلى مجموعة لدعم الأشخاص الذين يعانون من الملل.
تذكر أن الملل هو مجرد شعور، وهو ليس دائمًا سيئًا. يمكن أن يكون الملل في بعض الأحيان فرصة للتأمل والتفكير فيما تريده من الحياة. ويمكن أن يكون فرصة لاستكشاف اهتمامات جديدة أو هوايات جديدة.
لذا لا تخف من الملل، واجهه وتحدث عنه، فهذه أولى الخطوات لمعالجته. ومن يدري، فقد يصبح الملل صديقك في النهاية.