يُعدّ شارع القزازين في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية من أهم معالمها التاريخية والأثرية، والذي يمتد من شارع الجمهورية إلى مدخل كوبري جامعة المنصورة، ويرجع تاريخ إنشائه إلى العصر المملوكي، حيث كان يُطلق عليه اسم "شارع بين القصرين"، وذلك لوقوعه بين قصرين كبيرين.
ولكن، كيف ارتبط شارع القزازين باسم المنصورة؟ وما علاقة ذلك بالفترة المملوكية؟ ولماذا سمّي بالقزازين؟ ستجدون إجابات هذه الأسئلة وغيرها في هذه المقالة.
خلال الفترة المملوكية، شهدت مدينة المنصورة ازدهارًا اقتصاديًا وثقافيًا كبيرًا، الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد السكان ونمو المدينة. وبالتالي، نشأ شارع القزازين كمحور تجاري مهم يربط بين المناطق الرئيسية في المنصورة، مثل القصرين الكبيرين والجامع الكبير.
وإلى جانب موقعه الاستراتيجي، اشتهر شارع القزازين بصناعة الزجاج، حيث تواجدت فيه الكثير من الورش والحرفيين المهرة الذين يصنعون البلورات والأواني الزجاجية الفاخرة. وقد اُطلق عليه اسم "القزازين" نسبةً إلى هذه الصناعة التي كانت مزدهرة في العصر المملوكي.
يتميز شارع القزازين بالعديد من السمات المعمارية الفريدة التي تعكس حقبة العصر المملوكي. فنجد فيه العمارة الإسلامية المتأثرة بالفنون الفاطمية والأيوبية، ويتجلى ذلك في وجود العقود المدببة والنوافذ المزخرفة والنقوش العربية التي تُزيّن واجهات المباني.
يُمثل شارع القزازين في المنصورة تراثًا معماريًا غنيًا يربط بين الحاضر والماضي. فقد حافظت المباني التاريخية على جمالها ومعالمها الفريدة على مر السنين، مما يجعلها مقصدًا للزوار المهتمين بالفنون المعمارية والتاريخية.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يزال شارع القزازين مركزًا تجاريًا هامًا يضم مجموعة متنوعة من المتاجر والأسواق، مما يجعله مكانًا حيويًا ونابضًا بالحياة في قلب مدينة المنصورة.
لم يقتصر دور شارع القزازين على الجانب التجاري والعماري فحسب، بل كان له أيضًا دور بارز في الحركة الوطنية المصرية. ففي عام 1919م، شهد الشارع العديد من المظاهرات والاحتجاجات ضد الاحتلال البريطاني، كما كان بؤرة لنشاط الحركة الوطنية.
وإحياءً لهذا الدور الوطني، أُطلق على أحد شوارع مدينة المنصورة اسم "شارع القزازين الثورة"، وذلك تخليدًا لذكرى شهداء ثورة 1919 الذين سقطوا في هذا الشارع.تمثل مدينة المنصورة، وخاصة شارع القزازين، مزيجًا فريدًا من التاريخ والحداثة. فنجد في الشارع المباني التاريخية التي تحكي قصة العصر المملوكي، إلى جانب المتاجر والأسواق الحديثة التي تلبّي احتياجات المدينة المتطورة.
وكما ذكرنا سابقًا، فقد حافظ شارع القزازين على مكانته كمركز تجاري مهم في المنصورة حتى يومنا هذا، إلى جانب كونه معلمًا تاريخيًا وأثريًا يروي حكايات الماضي العريق.
وبالتالي، فإن زيارة مدينة المنصورة والتجول في شارع القزازين هو فرصة رائعة لاستكشاف تراث معماري غني ومتنوع، والتعرف على تاريخ مدينة المنصورة ودورها في الحركة الوطنية المصرية.