الهلال والأخدود




يتوارى الهلال عن الأنظار تاركًا السماء مظلمة، ولكن لمعان النجوم يزيد ليلًا بعد ليل. لا أذكر بالضبط متى كانت آخر مرة رأيت فيها الهلال، لكني أتذكر عندما كان يملأ السماء في منتصف شهر رمضان، في ذلك الوقت كان يضيء قلبي ويبعث السرور في نفسي.

مضى رمضان، لكن منظر الهلال ما زال محفورًا في ذهني. إنه يذكرني بقصة شعب نبيل عاشوا في نجران قبل مئات السنين، وهي قصة تُعرف باسم "الهلال والأخدود." في تلك الأيام، كان شعب نجران مسيحيًا، وكان ملكهم "ذو نواس" وثنيًا. ذات يوم، دعا الملك شعبه إلى اعتناق دينه، لكنهم رفضوا. غضب الملك وأمر بإلقاء كل من يرفض في حفرة ضخمة وإشعال النار فيها. ألقى الجنود برجال ونساء وأطفال في الحفرة، وبينما كانت النيران تلتهم ضحاياها، ظهر الهلال في السماء.

رأى الملك الهلال وقال، "هذا إلهكم جاء لمساعدتكم. انظروا إليه وهو يشرق في السماء. ماذا سيفعل من أجلكم الآن؟" ضحك الشعب على سخافة الملك، وقالوا، "نحن لا نعبد الهلال، نحن نعبد الله الذي خلق الهلال والنار." أمر الملك بإلقاء المزيد من الحطب في النار، لكنها كانت ترتفع وتأكل الرجال والنساء والأطفال واحدًا تلو الآخر. وارتفعت الصرخات، لكن الله لم يسمع صوتهم. وارتفع الهلال في السماء، لكنه لم يرسل المساعدة. ورأى الملك أن شعبه صلب كالصخر، ولم يستطع إجبارهم على تغيير دينهم. وأخيرًا، أمر بإخماد النار. ولدهشة الجميع، لم يصب أي شخص بأذى. كان الناس سالمين، ولم تحرقهم النار. كانت معجزة. ورأى الملك ذلك، آمن بالله وأسلم إلى المسيحية.

وبهذا هزم الهلال الأخدود، وانتصر شعب نجران على الظلم والعذاب.