في أروقة ملعب محمد الخامس الأسطوري، حيث تحتشد الجماهير الحمراء، كان الوداد البيضاوي على موعد مع كتابة الفصل الأخير في روايته الخيالية. مباراة مصيرية كانت بمثابة مسرح لمسرحية هزت أرجاء الوطن بأكمله. عشاق الفريق الأحمر ينتظرون بفارغ الصبر اللحظة التي ينتصر فيها فريقهم المحبوب على الخصم الأزلي، ويحصدون كأس البطولة المرغوبة.
انطلقت المباراة وسط أجواء من التوتر والحماس، حيث كانت كلتا الطائفتين عازمتين على الخروج منتصرتين. في الشوط الأول، سيطر الوداد على الكرة واستحوذ عليها بفضل مهارات لاعبيه المتميزين. كان أشرف داري، ذلك المدافع العملاق، يصد كل المحاولات الهجومية للخصم ببسالة منقطعة النظير. وبفضل تمريرات يحيى جبران السحرية، انطلق لاعبو الوداد مرارًا وتكرارًا نحو مرمى الخصم.
وخلال الشوط الثاني، اشتدت وتيرة المباراة. سجل الخصم هدفًا مبكرًا، مما أثار قلق الجماهير الحمراء. لكن لم ييأس لاعبو الوداد، وظلوا يقاتلون بشراسة من أجل تحقيق حلمهم. وبدعم جماهيرهم الحماسية، تمكنوا من العودة إلى المباراة بهدفين متتاليين. كان الهدف الأول بفضل تسديدة صاروخية من أيمن الحسوني، والثاني من رأسية قوية لمحمد رضا. أحمر الجمهور وجهه من الفرح، وارتدت شوارع المدينة بأكملها ثوب الانتصار.
عندما أطلق الحكم صافرة النهاية، انفجر ملعب محمد الخامس بعاصفة من الاحتفالات. ركض اللاعبون نحو جمهورهم، ورفعوا الكأس عالياً، بينما كانت الدموع تتدفق على وجوههم فرحاً وامتناناً. لقد صنعوا التاريخ، وحققوا حلمًا ظل بعيد المنال لسنوات عديدة. كان ذلك الانتصار بمثابة تتويج لجهودهم الدؤوبة، وتضحياتهم المتعددة، وحبهم اللامحدود لفريقهم.
وفي خضم هذا الاحتفال الرائع، لم يكن من الممكن تجاهل الدور البطولي الذي لعبه المدرب وليد الركراكي. لقد كان القائد الذي ألهم لاعبيه، ووحّدهم نحو هدف واحد. بفضل تكتيكاته الذكية وقدرته على تحفيز فريقه، تمكن الوداد من تحقيق إنجاز تاريخي سيبقى خالداً في ذاكرة جماهيره إلى الأبد.
لكن قصة الوداد هي أكثر من مجرد تتويج بكأس البطولة. إنها قصة حب أسطورية بين فريق وجمهوره، قصة تجاوزت حدود المستطيل الأخضر. لقد كانت دربًا مليئًا بالتحديات والصعوبات، لكن روح الوداد الوثابة والتحديات التي لا تنتهي لجماهيرها، قادتهم إلى هذا النصر الطال انتظاره.
واليوم، بينما يحتفل لاعبو الوداد وإداريوهم وجماهيرهم بهذا الإنجاز، فلننسى أبدًا أن الكبرياء الحقيقي لا يكمن في الفوز بالكؤوس، بل في فخر ارتداء القميص الأحمر. ففي كل مرة يدخلون فيها الملعب، يحملون معه أحلام وتطلعات الملايين من الجماهير. وهم يدركون أن مكافأة تضحياتهم وتفانيهم لن تقاس بالكؤوس وحدها، بل بالحب الذي يكن لهم من قبل جماهيرهم. هذا الحب الذي سيبقى معهم إلى الأبد، ويذكرهم دائمًا أنهم جزء من أكبر قصة حب في تاريخ الرياضة المغربية.