كم منا "يعاني بصمت" كما يُقال؟
حقيقة مؤلمة أن نتظاهر بأننا بخير بينما نحن في الداخل نشعر بالعكس تماماً، لا يصدقنا الآخرون لأننا لا نظهر ملامح تعكس آلامنا، فالأخير سهل أن يظهر للغير على عكس الأول الذي يحتاج إلى "ربيع ليزهر"، وعلى الرغم من أن التظاهر بالقوة يُساعدنا على الخروج من المواقف الصعبة، لكن في الحقيقة لا نُدرك خطورة الأمر، أن نكبت مشاعرنا دون أن يعلم بها أحد، فنحن لا نكبت مشاعرنا وحسب، بل نكبت جزءًا من أرواحنا تحت وطأة المخاوف من أحكام الآخرين.وكما يقال "وراء كل ابتسامة حزن لا يراه أحد"، وإن حزنت فابحث عن شخص تثق به كي يمسك بيدك ويرافقك في رحلتك بعيداً عن الصخب.
لا يعلم الآخرون معنى ذلك الشعور بالخلاء في الداخل والذي لا يُملأ، ذلك الشعور بالوحدة في خضم الزحام، بأنك غريب في هذا العالم، تشعر بالضياع وعدم القدرة على تحديد أهدافك أو معرفة ما تريده في الحياة، وكأنك تعيش حياة الآخرين الذين يعيشون على هوامش الحياة، لكنك أنت تعيش في قلبها وهي لا ترحب بك، وكأن الحياة تجبرك على القيام بأشياء لا تُحبها ولا تناسبك، تشعر بالاختناق وعدم القدرة على التنفس أو الصراخ، تشعر وكأن أحلامك مسلوبة، لا تعرف من أين تبدأ ولا إلى أين تنتهي، فقط تشعر أنك لست بخير ولا تعلم ما بك فتهرب من الجميع ومن نفسك كذلك.وإن لم تجد من تدعمه، فكن أنت هذا الداعم لنفسك، فالأمر ليس مستحيلاً، فكما أنك تستيقظ صباح كل يوم وتُكمل مهامك، يمكنك أن تقرر أن تكون أنت الداعم الذي طالما احتجته، اعلم أنك لست وحدك في هذه المعركة، فـ"الصحة النفسية أولوية للجميع"، فلا تتردد في طلب المساعدة إذا احتجت إليها، يمكنك التحدث إلى أحد أفراد أسرتك أو أصدقائك أو أخصائي الصحة العقلية.
وتذكر دائماً أن الصحة النفسية مهمة مثل الصحة البدنية، فاعتني بها جيداً لتعيش حياة أكثر سعادة وصحة، فهذا لا يُعتبر ضعفاً بل هو شجاعة في الاعتراف بأنك بحالة غير مستقرة واحتياجك لمساعدة الأخرين.