اليوم العالمي للغة العربية: نحتفي بتاريخنا ونرتقي بمستقبلنا




تحتفل اليوم الدول العربية والعالم أجمع باليوم العالمي للغة العربية، وهي اللغة التي يتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة في جميع أنحاء العالم، وهي واحدة من اللغات الرسمية الست المعتمدة لدى الأمم المتحدة.
وقد جاء الاحتفال باللغة العربية، الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام، بموجب قرار صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، وذلك في عام 2010، بهدف تسليط الضوء على الدور الحيوي الذي تضطلع به اللغة العربية في تعزيز الحوار بين الثقافات ونشر المعرفة والتفاهم الإنساني.
وتحمل اللغة العربية تاريخًا عريقًا وثريًا، يعود إلى ما قبل الإسلام، حيث كانت اللغة المستخدمة في العديد من الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية، ومنها الحضارة النبطية والثمودية، وقد انتشرت اللغة العربية بشكل كبير بعد ظهور الإسلام، وأصبحت لغة القرآن الكريم والسنة النبوية، وهذا ما ساهم بشكل كبير في توحيد العرب وربطهم ببعضهم البعض، كما أصبحت لغة العلم والمعرفة في العصر الذهبي العربي، حيث لعبت دورًا رئيسيًا في نقل العلوم اليونانية والرومانية إلى أوروبا، وهذا ما جعلها من أهم اللغات المؤثرة في العالم.
وتمتاز اللغة العربية بأنها لغة ثرية ومعبرة، ولها مكانة مرموقة بين لغات العالم، وقد أثريت اللغة العربية على مر العصور بالعديد من المفردات والتراكيب الدقيقة والجميلة، وهذا ما جعلها لغة مناسبة للتعبير عن جميع مجالات الحياة، من الشعر والأدب والعلوم والفلسفة إلى القانون والسياسة والاقتصاد، كما أنها لغة مرنة وقادرة على استيعاب المصطلحات الجديدة والتعبير عن المفاهيم الحديثة، وهذا ما يجعلها لغة قادرة على التطور والتكيف مع متطلبات العصر.
ولغة الضاد لغة الانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى، فقد تبادل فيها الأدباء والفلاسفة والعلماء المعرفة، حيث تُرجمت إلى اللغة العربية كثير من الكتب في الحضارة الإنسانية، في الطب والفلك والرياضيات والفلسفة، وقد احتضنت معظم مكتبات العصور الوسطى باللغة العربية العديد من العلوم، ولم يقتصر عطاؤها على اللغة العربية فحسب، بل كانت لغة الحضارة والثقافة والتواصل بين الأمم.
وفي ظل العولمة والتقدم التكنولوجي السريع، تواجه اللغة العربية، شأنها شأن العديد من اللغات الأخرى، تحديات كبيرة، من بينها انتشار اللهجات المحلية واللغات الأجنبية، لذلك، يجب علينا جميعًا العمل معًا من أجل الحفاظ على اللغة العربية وتطويرها، وتعزيز استخدامها في جميع مجالات الحياة، كما يجب علينا جميعًا العمل على إثراء اللغة العربية من خلال تقديم محتوى عربي جيد الجودة على الإنترنت، وتعزيز التعليم باللغة العربية في جميع المراحل الدراسية، وتشجيع البحث العلمي في مجالات اللغة العربية واستخدامها.
إن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية هو مناسبة لتجديد العهد على الحفاظ على لغتنا العربية، والعمل على تطويرها وتحديثها، كما أنه مناسبة لتذكير العالم بالدور المهم الذي تلعبه لغتنا في بناء الجسور بين الثقافات المختلفة، وتعزيز التفاهم والتعاون بين الشعوب.