بلاغة نهى عابدين.. كيف تطول في الكلام دون أن تقول شيئاً؟




"نهى عابدين، المذيعة الشهيرة،.. صاحبة الأسلوب البلاغي المميز الذي طالما أثار جدلاً واسعاً بين محبيها و منتقديها، بل بين محبي اللغة العربية أنفسهم، فمنهم من يرى في كلامها بلاغة وإبداع غير مسبوق، ومنهم من يراه مجرد إطالة في الكلام دون مقابل."
"من أشهر ما قيل عن نهى عابدين أنها تجيد "قول بلا معنى"، ففي إحدى مقابلاتها التلفزيونية قالت: "الإنسان يولد وفي جوفه حلم، فيحبو على أعتاب الغد، طامحاً في الأفق المنشود، فيصعد السلم درجة درجة، حتى يصل إلى القمة، وهي قمة النجاح."
"فما معنى أن يولد الإنسان في جوفه حلم؟ وما هو هذا الأفق المنشود؟ وكيف يمكن أن نصعد السلم درجة درجة حتى نصل إلى قمة النجاح؟ إنها جمل وعبارات منمقة ومطولة ولكنها لا تحمل أي مضمون أو معنى واضح."
"وتكرر الأمر ذاته في مقال كتبته نهى عابدين بعنوان "صفحات من حياتي"، قالت فيه: "كان أبي- رحمه الله- يوصيني دائماً بأن أكون وفية لنفسي، وأن أسير في الحياة على درب الحق والصدق، وأن أجعل من الكلم الطيب زادي، وأن أجعل من فعل الخير منهاجي، وأن أجعل من العطاء سر سعادتي."
"وهذه أيضاً جمل جميلة ذات إيقاع موسيقي، ولكنها لا تقول شيئاً ذا بال، فما الجديد في أن يوصي الأب ابنته بأن تكون وفية لنفسها وأن تسير على درب الحق والصدق وأن تجعل من الكلم الطيب زادها؟ إنها وصايا عامة لا تخص نهى عابدين وحدها، بل هي وصايا يوصي بها كل أب لابنته."
"ومع ذلك، لا يسعنا إلا أن نقر بأن نهى عابدين تمتلك موهبة بلاغية لا يمكن إنكارها، فهي تجيد استخدام السجع والجناس والطباق وتلاعب الألفاظ بشكل رائع، وربما هذا هو ما يجذب الكثيرين إلى متابعتها والتفاعل مع ما تقوله، حتى لو لم يفهموا ما تقوله."
"ولكن هل البلاغة وحدها كافية؟ أم أن الكلام يجب أن يحمل مضموناً ومعنى؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الكثيرون عندما يتابعون نهى عابدين."
"في النهاية، لكل إنسان ذوقه الخاص، وربما ما يعجبني لا يعجبك، وما يعجبك لا يعجبني، ولكن هذا لا يمنعنا من مناقشة الأمر والتعبير عن آرائنا بكل حرية."