بوعلام صنصال... عميد الأدب الجزائرى
بوعلام صنصال.. هذا الاسم الذى أثار ضجة كبيرة مؤخرا فى الجزائر، هذا الكاتب الشهير الذى حاز على العديد من الجوائز العالمية، والذى شغل مناصب هامة فى حكومة بلاده، وجاء اعتقاله ليضع الجزائر ومستقبل الأدب فى مأزق كبير.
ولد بوعلام صنصال عام 1949 فى قرية ثنية الأحد ولاية تيسمسيلت بالجزائر، وهو الأديب الجزائرى الذى يكتب باللغة الفرنسية، وقد تنقل فى وظائف عدة منها تدريس اللغة الفرنسية، وعمل مستشارا ثقافيا لدى الرئاسة الجزائرية، ومديرا عاما بمؤسسة عمومية للإنتاج السينمائى، إلا أن أعماله الأدبية هى ما أكسبته شهرة واسعة، حيث حققت روايته الأولى "
قسَم البربريين" شهرة واسعة فور صدورها عام 1999.
ولم يكتف بهذا، بل توالت أعماله الأدبية التى تعددت أشكالها ما بين الرواية والقصة والمسرحية، ومن أبرز رواياته: "
الحي الفرنسى"، و"
2084: نهاية العالم"، و"
شارع داروين"، و"
الألماني المقدس"، وقد نال العديد من الجوائز عن أعماله الأدبية منها جائزة السلام لمدينة ميونيخ عام 2011، وجائزة الأدب العربى عام 2012 عن روايته "
2084: نهاية العالم".
ومما يميز أسلوب بوعلام صنصال هو تناول المشاكل السياسية والاجتماعية فى قالب روائى، حيث يتناول فى أعماله المشاكل التى يواجهها المجتمع الجزائرى خاصة والإنسان العربى عامة، من فساد داخلى وفساد سياسى وانتشار العنف والتطرف.
وقد انعكست هذه المشاكل فى روايته الشهيرة "
2084: نهاية العالم" والتى تخيل فيها صورة الجزائر بعد مرور 100 عام، حيث تصور تدهور الأوضاع بشكل كبير، وارتفاع معدلات البطالة والفقر والفساد، وانتشار التطرف الديني، ويظهر الصراع بين الجزائر والدول الأخرى مما يؤدى إلى تدمير شامل للبلاد.
وتعتبر "
2084: نهاية العالم" عملا أدبيا ذو رؤية بعيدة المدى، حيث حذر صنصال من مخاطر التطرف والإرهاب الذى يهدد العالم، كما حذر من الفساد والظلم الذى يسود فى العديد من الدول العربية، مما يعيق أى تقدم أو نهضة حقيقية.
ورغم شهرة بوعلام صنصال ومكانته الأدبية إلا أنه واجه انتقادات حادة فى الجزائر، حيث اتهمه البعض بأنه متشائم ويحط من قدر بلاده، كما اتهموه بالكراهية للإسلام، وذلك بعد تصريحات أدلى بها فى احتفالية توزيع جوائز "فرانس 24"، حيث قال إن "الجهاديين يفسرون النصوص المقدسة بطريقتهم، ويمارسون القتل باسم الدين".
وتسببت هذه التصريحات فى هجوم عنيف ضده فى الجزائر، مما اضطره لمغادرة البلاد خوفا على حياته، وبالرغم من ذلك لم يكف عن الكتابة والتعبير عن رأيه.
وفى الآونة الأخيرة، قررت السلطات الجزائرية اعتقال بوعلام صنصال، وذلك بعد عودته من باريس العاصمة الفرنسية، وتأتى هذه الخطوة فى ظل تدهور الأوضاع السياسية فى الجزائر وانتشار القمع والاعتقالات بحق النشطاء والصحفيين، مما ينذر بمستقبل مظلم للأدب والحرية فى الجزائر، والذى يرى فيه الكثيرون استهدافا للصوت المعارض، ومحاولة لقمع أى رأى حر أو معارض للحكومة الحاكمة.
إن اعتقال بوعلام صنصال يمثل ضربة موجعة للأدب الجزائرى، وهو عمل غير مبرر وغير قانونى، حيث يجب أن يكون للأدباء حرية التعبير عن آرائهم دون خوف أو ترهيب، وإن اعتقال صنصال يثبت أن الجزائر ما زالت متمسكة بنهجها القمعى، وأنها ما زالت تخاف من حرية الفكر والتعبير.
بوعلام صنصال رمز للأدب الجزائرى، وصوته سوف يظل مدويا فى وجدان كل حر وشريف، ولن يقدر أحد على إسكاته أو إخماد صوته، وإن اعتقاله لن يزيده إلا قوة وإصرارا على مواصلة مشواره الأدبى والنضالى.