بين الفن والحياة: حوار مع الفنانة مها عطية




"إن الفن قادر على أن يعبر عن كل ما نعجز عن قوله بالكلمات. إنه لغة الروح، ينطق ما لا يمكن نطقه، ويصوّر ما لا يمكن وصفه".
تلك كانت كلمات الفنانة التشكيلية الموهوبة مها عطية، التي استطاعت بريشتها الساحرة أن تنقلنا إلى عوالم خيالية، وتثير فينا أحاسيس عميقة.
من شوارع القاهرة إلى قاعات العرض العالمية
ولدت مها عطية في قلب القاهرة الصاخب، حيث اكتشفت حبها للرسم في سن مبكرة. وقد شجعتها والدتها، وهي فنانة موهوبة بنفسها، على تنمية موهبتها من خلال اصطحابها إلى متاحف ومعارض فنية منذ صغرها.
درست مها الفنون الجميلة في جامعة حلوان، حيث أتقنت تقنيات الرسم المختلفة، وصقلت موهبتها الطبيعية. وقد حصدت أعمالها المبكرة جوائز وتقديرًا، مما مهد لها الطريق لعرض لوحاتها في معارض فردية وجماعية في مصر والعالم العربي.
وتقول مها عن رحلتها الفنية: "لطالما شعرت أنني مدفوعة بشغف داخلي للتعبير عن نفسي من خلال الفن. إن الرسم بالنسبة لي ليس مجرد مهنة، إنه صلة بين قلبي والجمهور".
الفن هو مرآة المجتمع
تستلهم مها عطية أعمالها الفنية من الحياة اليومية، فهي ترى أن الفن هو مرآة المجتمع، يجب أن يعكس أفراحه وأحزانه، آماله وآلامه. في لوحاتها، غالبًا ما تتناول قضايا إنسانية واجتماعية، مثل الفقر والظلم وحقوق المرأة.
علاوة على ذلك، تُولي مها أهمية كبيرة للحفاظ على الهوية المصرية في أعمالها. إنها تستخدم الألوان والزخارف التقليدية لإحياء تراثها الثقافي الغني، ودمج الماضي والحاضر في لوحاتها.
وتقول مها: "أريد أن يكون فني ذا مغزى وتأثير اجتماعي. أريد أن يثير الأسئلة، ويحفز النقاش، ويدفع الناس إلى إعادة التفكير في العالم من حولهم".
اللون والضوء والحركة
تتميز لوحات مها عطية بألوانها الزاهية واستخدامها المبتكر للضوء والظل. فهي تستخدم ألوانها كوسيلة للتعبير عن العاطفة والحركة، وتخلق تباينات درامية بين الأضواء والظلال لإضفاء عمق وواقعية على لوحاتها.
علاوة على ذلك، تتميز أعمال مها بطاقتها الحيوية والحركة. فهي تستخدم ضربات فرشاة جريئة وديناميكية لإضفاء الإحساس بالحركة على لوحاتها، كما أنها غالبًا ما تدمج عناصر من الطبيعة، مثل الرياح والأمواج، لإضفاء المزيد من الدراما والإثارة على المشهد.
التأثير العالمي
حازت أعمال مها عطية على إشادة وتقدير دوليين. فقد عُرضت لوحاتها في معارض مرموقة في فرنسا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة وغيرها من البلدان. وقد نالت أيضًا جوائز عديدة، بما في ذلك جائزة الإبداع من وزارة الثقافة المصرية.
وعلى الرغم من شهرتها العالمية، إلا أن مها عطية ظلت متواضعة ومخلصة لجذورها. فهي تستخدم منصتها الفنية للتوعية بالقضايا التي تؤثر على المجتمع المصري، وتشدد على أهمية دعم الفنون والثقافة.
الإلهام في الحياة اليومية
تستمد مها عطية الإلهام من الحياة اليومية. فهي تمشي في شوارع القاهرة، وتتحدث مع الناس، وتراقب محيطها بعين الفنانة. إنها تجد الجمال في الأماكن والأشخاص العاديين، وتسعى دائمًا إلى نقل هذه الرؤية إلى لوحاتها.
وتقول مها: "أجد الإلهام في كل مكان من حولي. من وجوه الناس إلى ألوان المدينة، هناك دائمًا شيء جديد أستطيع أن أكتشفه وأحوله إلى فن".
الفن كعلاج
بالنسبة لمها عطية، فإن الفن ليس مجرد وسيلة للتعبير عن الذات فحسب، بل هو أيضًا شكل من أشكال العلاج. تقول: "عندما أرسم، أشعر وكأنني أخرج كل مشاعري وعواطفي على القماش. إنها طريقة للتطهير والتنقية".
وتؤكد مها على أهمية الفن في الصحة العقلية والعاطفية. وتقول: "أعتقد أن الفن يمكن أن يكون له تأثير قوي ومحوّل على حياتنا. يمكنه أن يساعدنا على التعبير عن أنفسنا، ومعالجة صدماتنا، والاتصال بجزءنا الروحي".