تامر شلتوت.. أستاذ جامعي على الطريق الصحراوي




في ليلة باردة غائمة، بينما كنت أسير على الطريق الصحراوي الموحش، خطر ببالي اسم "تامر شلتوت"، الذي انتشر اسمه في الأوساط الأكاديمية كالنار في الهشيم. قيل لي إنه أستاذ جامعي لامع يتمتع بحضور ساحر وذكاء حاد. ومع ذلك، فقد كان هناك جانب غامض في شخصيته أثار فضولي.
كنت قد سمعت شائعات عن أنه يتنقل من وإلى الجامعة على الطريق الصحراوي، وهو طريق معروف بخلوته وخطورته. وعندما سألت عن سبب اختياره لهذه الطريق الغريبة، تلقيت إجابات مختلفة، كل منها أكثر غرابة من الآخر. قال أحدهم إنه يحب الشعور بالعزلة وسط الصحراء الشاسعة، بينما ادعى آخر أنه يبحث عن الإلهام في صمت الليل.
وقد أثارت هذه القصص خيالي، وقررت أن أستكشف حقيقة تامر شلتوت بنفسي. ففي إحدى الليالي، ركبت سيارتي وتوجهت إلى الطريق الصحراوي، عازمًا على لقاء هذا الأستاذ الغامض.
بينما كنت أقود سيارتي عبر الظلام الدامس، لم أتمكن من التخلص من شعور بالرهبة. لم أرَ أي سيارة أخرى لأميال، والطريق يمتد إلى الأفق مثل شريط أسود لا نهاية له. فجأة، رأيت أشعة ضوء أمامي. عند الاقتراب، أدركت أنها سيارة متهالكة متوقفة على جانب الطريق.
توقفت ببطء ونزلت من السيارة. رأيت رجلاً يجلس داخل السيارة، يحدق في الصحراء. كان لديه وجه شديد الشحوب، وعينان غائرتان، وشعر أسود غير مهذب. كان يرتدي قميصًا أبيض بسيطًا وبنطلونًا ممزقًا.
اقتربت منه بحذر وقلت: "هل أنت بخير؟"
نظر إلي ونطق بصوت أجش: "من أنت؟"
"أنا..." ترددت، ثم قلت: "أنا طالب في الجامعة".
"جامعة؟" قال. "ماذا تفعل هنا؟"
"اسمي أحمد" قلت. "سمعت عنك وعن رحلاتك اليومية على هذا الطريق."
ابتسم تامر بتعب. "آه، إذن أنت هنا لفضولي؟"
"ليس فضوليًا تمامًا" قلت. "أنا مهتم بالسبب الذي يجعلك تختار هذا الطريق الخطير كل ليلة."
نظر تامر إلي لفترة طويلة. ثم قال: "هل تريد حقًا أن تعرف؟"
"نعم" قلت.
"حسنًا" قال. "ولكن عليك أن تعدني بأنك لن تخبر أحداً بما سأقوله لك."
"أعدك" قلت.
ثم أخبرني تامر قصة غيرت حياتي إلى الأبد. أخبرني عن مأساة عائلية دمرت حياته، وعن الشعور بالذنب الذي ظل يطارده منذ ذلك الحين. أخبرني عن بحثه عن الخلاص في عزلة الصحراء، وعن الكلمات التي يكتبها في الظلام، والتي لا يجرؤ أحد على قراءتها.
لم أستطع البوح بكلمة واحدة بينما كان تامر يتحدث. كنت مأخوذًا بصدق كلماته وعمق يأسها. شعرت وكأنني أنظر إلى مرآة لروحه المعذبة.
عندما انتهى تامر من قصته، سألني: "ماذا تعتقد الآن؟"
"لا أعرف" قلت. "لكنني أشعر بالأسف الشديد تجاهك."
"لا تشعر بالأسف تجاهي" قال. "لقد اخترت هذا الطريق. إنه طريقي للتكفير عن ذنوبي."
غادرنا الطريق الصحراوي معًا، لكن شيئًا فينا قد تغير. لم أعد أرى تامر شلتوت كأستاذ جامعي غامض، بل كإنسان يعاني من جروح عميقة، يبحث عن الخلاص في طريق وحيد.
ومنذ ذلك اليوم، لم أسافر أبدًا على الطريق الصحراوي ليلًا دون تذكر تامر شلتوت وقصته. فهو يذكرني بأن الجمال يمكن العثور عليه حتى في أكثر الأماكن قسوة، وأن الخلاص يمكن أن يأتي في أكثر الأشكال غير المتوقعة.