في قلب الصحراء السورية، تقع مدينة تدمر القديمة، شاهدة صامتة على ماضي عريق ومزدهر، وحاضرة تعاني من جراح الحرب وآثارها المدمرة.
تعد تدمر واحدة من أهم المدن الأثرية في العالم، وبفضل آثارها المذهلة التي تعود إلى القرن الأول الميلادي، فقد أدرجتها منظمة اليونسكو كموقع تراث عالمي منذ عام 1980. وقد وصفها الرومان بأنها "لؤلؤة الصحراء" بسبب جمال معابدها وأعمدتها وأبراجها وقبورها المحفوظة جيدًا.
لكن الحرب السورية التي استمرت لأكثر من عقد من الزمان، ألحقت أضرارًا بالغة بتدمر. ففي عام 2015، سيطر تنظيم داعش على المدينة ودمر العديد من آثارها، بما في ذلك معبد بعل الشهير ومسرحها الروماني. وعلى الرغم من استعادة قوات الحكومة السورية السيطرة على تدمر في عام 2017، إلا أن آثار الحرب لا تزال واضحة في كل مكان.
تظهر آثار القذائف على جدران المعابد، والصواريخ دمرت المسرح الروماني، وأصبحت الأبراج مهجورة ومتضررة. كما هُدمت العديد من المنازل والأماكن العامة، مما أدى إلى تشريد الآلاف من السكان المحليين.
وبينما تعمل السلطات السورية والمنظمات الدولية على إعادة بناء وترميم تدمر، إلا أن المهمة شاقة وطويلة. فآثار الحرب عميقة، ليس فقط على الآثار الحجرية، ولكن أيضًا على حياة الناس الذين يعيشون هنا.
كان أحد هؤلاء الناس، حمد، وهو رجل عجوز كان شاهدًا على تدمير مدينته. عندما زرت تدمر في عام 2021، التقيت بحمد بين أنقاض منزله المدمر. أخبرني أنه عاش في تدمر طوال حياته، وشاهدها تزدهر وتتحول إلى مدينة أشباح.
"لقد دُمّر مدينتنا، ودمّرت أحلامنا،" قال حمد بصوت متعب. "لا أعرف ما الذي يخبئه المستقبل، لكني أخشى ألا تكون تدمر هي نفسها أبدًا."
قصص مثل قصة حمد هي تذكير بأن الحرب ليست مجرد أرقام وإحصاءات، بل هي أيضًا معاناة إنسانية حقيقية. وتدمير مدينة تدمر القديمة ليس مجرد خسارة ثقافية، ولكنه رمز لبالتالي البشعة للحرب وما تتركه وراءها.
We use cookies and 3rd party services to recognize visitors, target ads and analyze site traffic.
By using this site you agree to this Privacy Policy.
Learn how to clear cookies here