تهنئة العيد..مناسبة لترسيخ الثوابت




في ظل زحمة الحياة، وأعبائها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يعيش كثيرون حالة من الإحباط، والضجر، ومرد ذلك إلى انشغال كثيرين بهموم المادة، وتراجع القيم، حتى أصبحت السعادة والفرحة ضرباً من المستحيل. إلا أن هناك بعض المناسبات التي ربما تكون متنفساً لنا، وتبعث في النفس البهجة والسرور، وبخاصة إذا كانت مرتبطة بديننا الحنيف، الذي حثنا على التكافل، والتلاحم، وتبادل الزيارات، والتهنئة بالعيد، لتعود إلينا أواصر الرحمة، وحبال الود.

وللعيد في حياة المسلم معنى كبير، فهو مناسبة دينية اجتماعية تبعث على البهجة، والانشراح، والتآلف، وتؤصل القيم، والإيمان، ليكون المسلم مهيئاً لمرحلة قادمة من العمل، والإنتاج. وللعيد فضل كبير، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يفرح به، ويقول لأصحابه: "يوم فطر، ويوم أضحى، يومان يأكل المسلمون فيهما الجزور" (أبو داود).

ومن المعروف أن العيد فرصة سانحة لترسيخ ثوابت العقيدة، وبناء المجتمع المسلم، على أسس أخلاقية وقيمية، فالعيد يدعونا إلى إحياء قيم الإخوة، والتراحم، والتواصل الاجتماعي، لإعادة البسمة إلى وجوه المحرومين والأيتام، والمساكين، كما يدعو إلى تجديد العهد مع الله عز وجل، وتقوية أواصر المحبة، والرحمة، والإيمان.

فالعيد مناسبة لترسيخ قيم الإحسان، والتعاون، والألفة، والمودة، ليعيش الأفراد داخل المجتمع في وئام، وانسجام تام، ولعل ذلك ما دفع النبي صلى الله عليه وسلم، إلى حثّ الأمة على التضحية في يوم العيد، والتصدق على الفقراء والمساكين، كما كان يفعل هو صلى الله عليه وسلم، ولذلك ينبغي على الأمة أن تقتدي بسيرة النبي، وتتفانى في حب بعضها بعضاً، كما ينبغي على الموسرين، والأغنياء أن يواسوا إخوانهم المحتاجين، والفقراء لمساعدة الأسر الفقيرة، وتفريج كرب المكروبين، حتى تعم الفرحة على الجميع، وتزداد روح المحبة بين المسلمين.

وقال أحد الصحابة: "فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، اليوم عيد قومي، وقد علمت ما كان من شاني معهم في الجاهلية، فهل لي من عتق رقابتي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم". فقلت: يا رسول الله، لا أجد ما أعتق رقبتي إلا غلاماً لي أسود يقال له مدعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهو مسلم؟" . قلت: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأعتقه، فإن أعتقته، فإنك تجد خيراً".

لذا، فإن العيد فرصة عظيمة لترسيخ أسس المجتمع المسلم، وتكريس مبادئ الرحمة، والمحبة، والتسامح، كما دعا لذلك الإسلام، وقد أوصانا رسولنا الكريم بأن نفرح في العيد، وأن نغتنم هذه الفرصة لإسعاد الفقراء، والمحتاجين، والأيتام والمساكين، وأن نكرم هذه المناسبة، وأن نستغلها لتجديد روح المسلمين، ودعم أواصر الأخوة والتواصل، ليكون يوم عيدنا بداية لمرحلة جديدة من الرفعة، والمجد، والعزة، والكبرياء.

حفظ الله وحدتنا، وأدام علينا نعمة الصحبة، والأمان، إنه سميع مجيب.