تطالعنا الصفحات الإخبارية ووسائل الإعلام المختلفة بنقل وقائع حدث مأساوي يحمل عنوان "حريق شارع النبي دانيال"، حيث ألقى هذا الحريق بظلاله القاتمة على واحد من أعرق الشوارع وأكثرها شهرة في مدينة الإسكندرية العريقة.
يعود تاريخ اندلاع الحريق الذي هز المدينة الساحلية إلى مساء يوم الثلاثاء، 17 ديسمبر 2024، حين تلقت أجهزة الطوارئ بلاغًا يفيد باندلاع النيران في إحدى الشقق السكنية المتواجدة بالطابق الثالث من عقار قديم يحمل رقم 41 في شارع النبي دانيال.
وفي استجابة سريعة وبطولية، هرعت سيارات الحماية المدنية إلى مكان الحادث، حيث بذل رجال الإطفاء جهودًا مضنية للسيطرة على ألسنة اللهب المتصاعدة والتي اتخذت من واجهة العقار التاريخي مسرحًا لها.
وعلى الرغم من السرعة التي استجابت بها السلطات، إلا أن النيران كانت قد اشتدت وأتت على محتويات الشقة بالكامل، متسببة في خسائر مادية وبشرية جسيمة، حيث لقي أحد شاغلي الشقة حتفه بسبب اختناقه بدخان الحريق.
لم يقتصر الأمر على الخسائر البشرية والمادية التي طالت الشقة المنكوبة، بل امتدت آثار الحريق لتطال العقار التاريخي بأكمله، حيث تأثرت واجهته بشكل كبير بالإضافة إلى تضرر بعض الشقق المجاورة بسبب الحرارة والدخان الكثيف.
يقع شارع النبي دانيال في قلب مدينة الإسكندرية العريقة، وهو شارع تاريخي يحمل اسم النبي دانيال، الذي يُنسب إليه كنيسة النبي دانيال الشهيرة والتي تقع في نهاية الشارع.
طوال عقود من الزمن، شهد شارع النبي دانيال مرور العديد من الأحداث التاريخية وكان مقصدًا للسياح والزائرين الذين يبحثون عن تراث الإسكندرية العريق، حيث يضم الشارع العديد من المباني التاريخية والقصور القديمة التي تعكس ماضي هذه المدينة الساحلية العظيمة.
في أعقاب هذا الحريق المدمر، أطلق أهالي الإسكندرية ومحبو تراثها نداءات عاجلة لإعادة إعمار شارع النبي دانيال وإحياء تاريخه العريق، مؤكدين على ضرورة تكاتف الجهود الرسمية والشعبية من أجل استعادة هذا الشارع إلى سابق عهده.
وتستمر الجهود حاليًا من جانب السلطات المختصة لمعرفة أسباب الحريق واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، كما تعمل الجمعيات الأهلية وفرق المتطوعين على حشد الدعم المادي والبشري للمساعدة في إعادة بناء الشارع وإعادة إعماره.
إن حريق شارع النبي دانيال هو تذكير مؤلم بأهمية الحفاظ على تراثنا وحمايته، فهو ليس مجرد شارع وإنما هو جزء لا يتجزأ من تاريخنا وذاكرتنا الجماعية، فلنتحد جميعًا لإعادة إعمار هذا الشارع التاريخي وإحياء تراثه العريق الذي يمثل مصدر فخر واعتزاز لكل مصري.