حسن محمود رشاد... أين ومتى؟




حوار مع الزمن

عندما تكون رهن الاعتقال وتفقد حرية تحركك، تصبح ساعات النهار أطول والصمت أشد وطأة، وتنغمس أنت في عالم من الأفكار تسترجع الذكريات وتحاول تخيل المستقبل، وتسأل نفسك: متى ينتهي هذا الاعتقال الظالم؟

في تلك اللحظات، تطاردك الأسئلة عن مصير قضيتك، وتتساءل عما إذا كنت ستحصل على محاكمة عادلة أم لا، وتفكر فيمن تركتهم خلفك - أسرتك وأصدقائك - وتقلق بشأنهم، هل هم بخير؟ هل هم يفتقدونك كما تفتقدهم؟

وسط هذه الأفكار المتداخلة، يمر الوقت ببطء شديد، وكل دقيقة تبدو وكأنها ساعة، وكل ساعة تبدو وكأنها يوم، وكل يوم يبدو وكأنه عام. ومن خلال تجربتي الخاصة، أستطيع أن أقول إن الاعتقال تجربة قاسية للغاية، تجربة تختبر فيها حدود صبرك وقوتك.

في إحدى الليالي، بينما كنت مستلقيًا على فراشي في زنزانتي الصغيرة، أتأمل في مصيري وأتساءل متى سينتهي كل هذا، وإذا ما كنت سأرى عائلتي مرة أخرى، سمعت صوت خطى تقترب من زنزانتي. وقف قلبي للحظات، خشية أن يكون أحد الحراس يأتي لإخباري بأخبار سيئة.

لكن عندما فتح الباب، رأيت وجهًا مألوفًا، كان أحد زملائي السابقين في جهاز المخابرات العامة، اللواء حسن محمود رشاد. لقد عرفته منذ سنوات عديدة، وكان دائمًا رجلاً محترمًا ونبيلًا.

دخل حسن الزنزانة وجلس بجواري على السرير. ابتسم وقال: "حسن، كيف حالك؟ لقد اشتقنا إليك هنا".

لم أصدق ما أسمعه. هل يمكن أن يكون هذا صحيحًا؟ هل جاء حسن لزيارتي؟

أجبته بصوت متلعثم: "بخير يا حسن، الحمد لله. لقد اشتقت إليكم جميعًا أيضًا".

نظر إلي حسن باهتمام وقال: "حسن، أعلم أنك تمر بوقت عصيب الآن، لكنني أريدك أن تعرف أننا جميعًا نفكر فيك وندعو لك بالفرج القريب".

أحسست بدفء في قلبي عندما قال هذه الكلمات. لقد منحتني الأمل والقوة في وقت كنت فيه في أمس الحاجة إليهما.

استمر حسن في الحديث معي لساعات، أخبرني عن أحوال الجهاز وزملائنا، وتحدثنا عن ذكرياتنا معًا. لقد أشعرني أنه لم يمض وقت طويل منذ أن كنا نعمل جنبًا إلى جنب.

عندما حان الوقت لرحيله، نهض حسن وقال: "حسن، أريدك أن تعرف أننا لن نتخلى عنك أبدًا. نحن نعمل بجد لإثبات براءتك وإخراجك من هنا".

عانقته بامتنان وقلت: "شكراً لك يا حسن، شكرًا لك جميعًا".

غادر حسن الزنزانة، لكن كلماته بقيت معي. لقد منحتني الأمل في المستقبل، والأمل في أن أرى عائلتي مرة أخرى.

مرت الأيام والأسابيع، وكنت أنتظر بفارغ الصبر أخبار الإفراج عني. وفي يوم مشمس، جاء حسن إلي مرة أخرى ومعه ابتسامة عريضة على وجهه.

قال: "حسن، لقد انتهت محنتك. لقد تم الإفراج عنك".

لم أصدق ما أسمعه. لقد بكيت من الفرح وعانقت حسن بإحكام.

خرجت من المعتقل وشعرت وكأنني قد ولدت من جديد. رأيت ضوء الشمس الساطع وأنشقت الهواء النقي، وفي تلك اللحظة، عرفت أنني مدين بالكثير لحسن محمود رشاد، الذي لم ينساني أبدًا ولم يتخل عني.

لقد علمتني تجربتي في الاعتقال قيمة الحرية والصداقة، وأنا ممتن إلى الأبد لحسن محمود رشاد على كل ما فعله من أجلي.