حمص... المدينة الساحرة خلف أسوار قلعتها الضخمة




يا لها من مدينة رائعة وجدتني فيها ضيفًا ثقافيًا غريب الأطوار على بطن عروس العاصي، مدينة حمص، حيث يعبق التاريخ في كل زاوية من أزقتها وقصورها الأثرية.
بدأت رحلتي في قلب المدينة القديمة، حيث تلوح قلعة حمص الشاهقة، شاهدةً على حقب من الزمن. ارتقيت أسوارها الحصينة، وأنا أستمتع بالمناظر البانورامية للمدينة الممتدة على جانبي نهر العاصي. بدت القلعة وكأنها تحكي قصص الفاتحين القدماء والملوك الذين مروا من هنا، تاركين وراءهم تراثًا ثقافيًا غنيًا.
توجهت بعد ذلك إلى جامع خالد بن الوليد، المعروف أيضًا باسم "المسجد الكبير". فوجئت بحجم هذا المسجد الذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن الميلادي. عندما دخلت إلى الداخل، غمرني هدوء وإحساس بالرهبة. زخارف الفسيفساء المعقدة والمحاريب المنحوتة بشكل رائع جعلتني أتوقف عن التنفس.
تابعت جولتي إلى متحف حمص، حيث تم نقلي إلى رحلة عبر تاريخ حمص الغني. اكتشفت قطعًا أثرية من العصر الحجري الحديث والعصور اليونانية والرومانية والإسلامية. كانت التماثيل والحلي والعملات المعدنية بمثابة تذكيرات ملموسة بالحضارات التي ازدهرت على هذه الأرض.
لم يكن تذوق المأكولات المحلية في حمص أقل روعة من استكشاف معالمها التاريخية. توجهت إلى مطعم تقليدي في السوق القديم، حيث استمتعت بوجبة لذيذة من "الكباب الحمصي" الشهير. كان اللحم المتبل بالتوابل المشوية إلى الكمال، وذاب في فمي مثل الزبدة.
وبينما كنت أتجول في شوارع حمص، لم يسعني إلا أن أتأثر بالدفء والترحاب الذي أبداه السكان المحليون. ابتسموا لي بحرارة ودعوني لأخذ صور معهم. شعرت وكأنني في بيتي بين هذه النفوس الطيبة.
حمص مدينة رائعة ستبقى في ذاكرتي إلى الأبد. إنها مدينة يغمرها التاريخ والثقافة اللذان لا مثيل لهما. إن زيارة قلعتها، واستكشاف مسجدها التاريخي، والتعرف على تاريخها في المتحف، وتذوق مأكولاتها الشهية، والتفاعل مع أهلها الودودين جعل تجربتي في حمص لا تُنسى. وأنا أوصي بشدة أي شخص بزيارة هذه المدينة الساحرة، لاكتشاف الجواهر الخفية التي تخفيها بين أسوار قلعتها الضخمة.