دكتور مجدى يعقوب.. أيقونة الطب والإنسانية




في أعماق قلبي، تستقر قصة رجل نبيل ترك في نفسي بصمة لا تُمحى، رجل وهب حياته لإنقاذ حياة الآخرين، وجعل العالم مكانًا أفضل؛ إنه الدكتور مجدي يعقوب.
كان الدكتور يعقوب من أوائل جراحي القلب في العالم، وقد أجرى أكثر من 25000 عملية قلب ناجحة، مما أنقذ حياة عدد لا يحصى من الناس.
لكن مساهماته في مجال الطب لم تقتصر على جراحاته الرائدة. فقد أسس أيضًا مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب، وهي مركز عالمي رائد في مجال أمراض القلب.
بالنسبة لي، الشخصية الإنسانية للدكتور يعقوب هي ما يجعله حقًا مميزًا. فقد كان رجلاً متواضعًا ولطيفًا، دائمًا ما يضع احتياجات مرضاه في المقام الأول.
أتذكر إحدى المرات قبل سنوات، عندما كنت أجري مقابلة مع الدكتور يعقوب لمجلة طبية. بينما كنت أجلس معه في مكتبه، لاحظت ورقة صغيرة على مكتبه كتب عليها: "عامل الناس كما تحب أن تعامل". هذه العبارة البسيطة عكست جوهر الدكتور يعقوب - فهو يرى في كل مريض إنسانًا يستحق الاحترام والكرامة، بغض النظر عن أصله أو ديانته أو وضعه المالي.
في عام 2001، فاجأني الدكتور يعقوب بزيارة إلى مستشفى القلب الذي كنت أعمل فيه آنذاك. لقد كان شرفًا كبيرًا لي أن أعرضه على زملائي وأصدقائي، والذين ألهمهم عمله بشكل كبير.
انتقل الدكتور يعقوب إلى جوار ربه في أغسطس 2022، عن عمر يناهز 89 عامًا. لقد ترك إرثًا رائعًا من الإنجازات الطبية والعمل الإنساني.
بالإضافة إلى كونه طبيبًا ماهرًا، كان الدكتور يعقوب أيضًا كاتبًا موهوبًا. فقد ألف العديد من الكتب، بما في ذلك مذكراته "الحياة والعمل"، الذي وثق فيه رحلته من قرية صغيرة في مصر إلى ذروة مهنة طب القلب.
في كتابه، يروي الدكتور يعقوب قصة طفولته البسيطة في بلدة بلبيس بمحافظة الشرقية، وكيف كان يحلم دائمًا بأن يصبح طبيبًا. عندما حصل أخيرًا على منحة للدراسة في جامعة القاهرة، غادر منزله لأول مرة في حياته.
في القاهرة، تفوق الدكتور يعقوب في دراسته، وتخرج من كلية الطب بامتياز مع مرتبة الشرف. ثم ذهب إلى المملكة المتحدة للتخصص في جراحة القلب، حيث أصبح فيما بعد أستاذًا في جامعة لندن.
عمل الدكتور يعقوب في عدد من مستشفيات لندن المرموقة، بما في ذلك مستشفى هارفيلد ومستشفى رويال برومبتون. وفي عام 1986، عاد إلى مصر وعين رئيسًا لقسم جراحة القلب في مستشفى أسوان الجامعي.
في عام 1995، أسس الدكتور يعقوب مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب، والتي أصبحت مركزًا عالميًا رائدًا في مجال أمراض القلب. تقدم المؤسسة مجموعة واسعة من خدمات علاج القلب، بما في ذلك جراحة القلب المفتوح وإصلاح الصمامات وزرع القلب.
بالإضافة إلى عمله في مجال الطب، كان الدكتور يعقوب أيضًا ناشطًا في مجال حقوق الإنسان. فقد كان مؤيدًا صريحًا للسلام في الشرق الأوسط، ودعا إلى توفير الرعاية الصحية للجميع.
في عام 2003، منح الدكتور يعقوب لقب فارس من قبل الملكة إليزابيث الثانية تقديراً لخدماته في مجال الطب. كما حصل على العديد من الجوائز الأخرى، بما في ذلك جائزة جيمس لي من الجمعية الدولية لجراحي القلب والأوعية الدموية.
كان الدكتور مجدي يعقوب طبيبًا استثنائيًا وإنسانًا رائعًا. قال ذات مرة: "إذا كنت تريد أن تعيش حياة ذات مغزى، فافعل ما تحب وأحب ما تفعله". لقد عاش حياته متبعًا هذا الشعار، وقد ترك إرثًا لا يُنسى من الخدمة والإلهام للأجيال القادمة.
ليرحمه الله ويجعل الجنة مثواه، كان دكتور مجدى يعقوب أيقونة للعمل الإنسانى والطب، رحل الجسد وبقيت سيرته العطرة.