في رحاب الأدب العربي، برزت رواية "دوري" للعالمي نجيب محفوظ كتحفة أدبية تعالج قضايا إنسانية عميقة ومؤثرة.
تدور أحداث الرواية حول "دوري"، ذلك الشاب الذي وجد نفسه منبوذًا ومختلفًا عن أقرانه منذ نعومة أظفاره بسبب إعاقته الجسدية. يخوض "دوري" رحلة شاقة للبحث عن ذاته والتصالح معها، مصارعًا نظرات المجتمع القاسية وأحكامه الجائرة.
الرحلة في دهاليز المجتمعتنقلنا "دوري" في رحلتها إلى دهاليز المجتمع، حيث نصادف شخصيات مختلفة ومتباينة، بعضها تنظر إلى "دوري" باحتقار وشماتة، بينما تتعاطف أخرى معه وتدعمه في رحلته.
يلتقي "دوري" مع "ثريا"، تلك الفتاة اللطيفة والذكية التي أصابتها شلل الأطفال، فتحاول الاستفادة من قدراتها الأدبية ككاتبة في مساعدة "دوري" في اكتشاف ذاته وإيجاد مكانه في العالم.
إلا أن المجتمع لا يرحم نظراته القاسية على "دوري" و"ثريا"، فيطغى صوت التمييز والتنمر على صوت التعاطف والقبول.
تمثل رواية "دوري" تحديًا حقيقيًا للبحث عن الذات وقبول الآخر. فهي تضعنا أمام تساؤلات عميقة حول معنى الاختلاف والهوية والتمييز.
يناضل "دوري" طوال الرواية لإثبات وجوده كإنسان كامل ومتميز، رغم ما يواجهه من نظرات المجتمع القاسية.
يقول "دوري" في أحد فصول الرواية: "أنا لا أريد أن أكون مجرد رقم في هذا العالم. أريد أن أكون شخصًا له قيمة، له أحلام، له طموحات. أنا لست عاجزًا. أنا قوي، أنا مختلف، أنا فخور بمن أنا".
تدعونا "دوري" من خلال رحلتها إلى إعادة النظر في مفاهيمنا عن الاختلاف والقبول. إنها تدفعنا إلى التفكير في حق كل إنسان مهما اختلفت قدراته أو مظهره أو خلفيته في أن يحظى بالاحترام والقبول.
بمرور الوقت، يتعلم "دوري" كيف يتصالح مع ذاته ويقبل نفسه كما هو. يكتشف أنه رغم إعاقته الجسدية، إلا أنه يتمتع بقدرات وقدرات فريدة تجعله مميزًا ومتميزًا.
يقول "دوري": "لقد أدركت أنني لست بحاجة إلى أن أكون مثل الآخرين. أنا مميز وفريد من نوعي. أنا فخور بمن أنا".
رحلة "دوري" هي دعوة لنا جميعًا لإعادة تقييم نظرتنا إلى أنفسنا وإلى الآخرين. إنها تدعونا إلى نبذ التمييز والقبول والتقبل، وأن نتذكر أننا جميعًا بشر متساوون في الحقوق والكرامة.
تختتم رواية "دوري" بدعوة قوية إلى التعاطف والإنسانية. تدعونا إلى النظر إلى ما وراء الاختلافات الخارجية وندرك أننا جميعًا بشر نتقاسم نفس التوق إلى الحب والقبول والتقدير.
إن المجتمع الذي يقبل ويحتضن الاختلاف هو مجتمع صحي وسليم. إن المجتمع الذي ينبذ ويميز هو مجتمع ممزق ومنقسم.
دعونا نكون مثل ثريا، نرى في دوري إنسانًا رائعًا ومميزًا، وأن نعامله باحترام وكرامة. دعونا نكون "دوري" ونفخر باختلافنا وقوتنا.
إن رواية "دوري" هي تذكير قوي بأننا جميعًا جزء من نسيج الحياة الإنسانية وأننا جميعًا نستحق الحب والقبول. فلنعمل معًا على بناء مجتمع يرحب بالاختلاف والاحتفال به.