رأس البر




لم تكن رأس البر بالنسبة لي مجرد مصيف، بل كانت ملاذي في كل الأوقات، فمنذ أن كنت طفلاً وأنا أعتبر رأس البر نزهتي المفضلة، فأنا أحب الرمال الناعمة والمياه الدافئة ورائحة البحر العالقة بين جنبات المكان، ولكن مع الوقت ومع الصخب الذي أصاب المدينة، أصبحت أبحث عن متنفس جديد، متنفس بعيدًا عن الضوضاء والتكدس، وبالفعل وجدت ضالتي في رأس البر القديمة.
رأس البر القديمة هي المنطقة التي كانت موجوده سلفًا قبل توسيع رأس البر لتشمل مساحتها الحالية، إنها المكان الذي يملؤه عبق الماضي وهدوء الحاضر، إنها المكان الذي يعطيني الإحساس الذي كنت أشعر به دائمًا في رأس البر، فأنا أحب التجول في شوارعها الضيقة ذات البيوت القديمة المبنية من الطوب اللبن، أحب رؤية الوجوه التي ترتسم عليها السعادة والطيبة، أحب الجلوس على الشاطئ وأنا أستمتع بالموسيقى الهادئة القادمة من المقهى على بعد أمتار قليلة.
في رأس البر القديمة يمكنني الاستمتاع بجميع الأنشطة التي أحبها، فأنا أبدأ يومي بالسباحة في المياه الدافئة الصافية، ثم أذهب في نزهة على الشاطئ أتناول خلالها بعض الوجبات الخفيفة من أحد الباعة الجائلين، ثم أجلس في أحد المقاهي المطلة على البحر وأنا أستمتع بمشاهدة غروب الشمس، وأنهي يومي بتناول العشاء في أحد المطاعم المحلية التي تقدم أشهى المأكولات البحرية.
رأس البر القديمة ليست مجرد مكان جميل أذهب إليه، إنها المكان الذي أشعر فيه بالراحة والسكينة، إنها المكان الذي أستعيد فيه طاقتي وأتخلص من كل التوتر والإجهاد الذي يصيبني طوال الأسبوع، إنها المكان الذي أشعر فيه بأنني في بيتي.
وبينما أنا جالس أستمتع بالهدوء الذي يملأ المكان، لمحت مجموعة من الأطفال يلعبون الكرة على الشاطئ، ضحكاتهم تصدح في الهواء، صورتهم البريئة ذكرتني بطفولتي، تمنيت لو عاد الوقت بي للوراء حتى أتمكن من العودة إلي تلك الأيام السعيدة، ولكن سرعان ما عدت إلى الواقع، وتذكرت أن لكل مرحلة عمرية متعتها الخاصة، وأنني الآن أستمتع بمرحلة جديدة من حياتي، مرحلة مليئة بالسعادة والهدوء والسكينة، مرحلة رأس البر القديمة.