أنا واحد من الآلاف الذين حلموا يومًا ما بارتداء "رسن" الوطن. بلونها الأخضر، وشعارها الذهبي، وفرحتها الوطنيّة التي لطالما غرست في نفوسنا الفخر. إلا أنني اليوم، وأنا أرى رسني معلقًا على ملعب العراق، لا يسعني إلا أن أشعر بالخسارة، خسارة الروح، وخسارة الوطن.
عندما كنت صغيرًا، كنت أركض وراء الكرة في شوارع حينا الفقير، وأحلم بأنني أحد أبطال المنتخب الوطني. كنت أرتدي قميص فريق بلادي، وأهتف باسم نجمي المفضل، وأرفع كأس العالم عالياً. كانت أحلامي بسيطة، لكنها كانت نبضًا يبقيني على قيد الحياة في عالم مليء بالصعوبات.
لكن الأحلام لا تتحقق بسهولة، والأوهام لا تصبح حقيقة بين عشية وضحاها. لقد اكتشفت هذا الدرس بالطريقة الصعبة. عندما بلغت سن المراهقة، أدركت أن حلمي باللعب للمنتخب الوطني بعيد المنال. لم أكن موهوبًا بما يكفي، ولم يكن لدي المال لشراء المعدات اللازمة، ولم يكن هناك من يدعمني أو يشجعني.
لكنني لم أيأس. لقد وجدت عزائي في لعبة كرة القدم نفسها. انضممت إلى فريق محلي، ولعبتُ لأجل المتعة فقط. لم أعد أحلم بالشهرة والثروة، بل كنت سعيدًا بمجرد أن أركل الكرة على أرض الملعب.
وذات يوم، حدث شيء غير متوقع. كنت ألعب في مباراة ودية مع فريق من مدينة أخرى، عندما لفت انتباهي أحد الكشافة. لقد أعجب بأدائي، وعرض عليّ فرصة الانضمام إلى أكاديمية كرة القدم لديهم. في البداية، كنت مترددًا، لكنني في النهاية قررت أن أغتنم هذه الفرصة.
كانت الأكاديمية تجربة مرهقة، لكنها كانت أيضًا تجربة مفيدة. لقد تعلمت الكثير عن كرة القدم، وحسنت مهاراتي، وأصبحت لاعبًا أفضل بكثير. وبعد بضعة أشهر، دعيت للانضمام إلى فريق الشباب الوطني.
لقد كان هذا إنجازًا عظيمًا بالنسبة لي. لقد تحقق حلمي أخيرًا، أو هكذا اعتقدت. لقد مثلت بلادي في العديد من البطولات الدولية، وساعدت فريقي على الفوز بعدة كؤوس. لقد شعرت بالفخر والاعتزاز كلما ارتديت قميص المنتخب الوطني.
لكن الأمور لم تسر كما خططت لها. فمع مرور الوقت، بدأت أموال الأكاديمية تنفد. ولم يعد المدربون يتلقون رواتبهم، ولم تعد الفرق قادرة على السفر إلى البطولات. لقد بدأنا نفقد الأمل.
وبعد ذلك، جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير. فقد منعنا الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) من المشاركة في البطولات الدولية بسبب تدخل الحكومة في شؤون كرة القدم. لقد كانت ضربة قوية لنا جميعًا.
لقد شعرت بالخيانة والحزن والغضب. لقد كنا ضحايا مؤامرة سياسية، وتم سحق أحلامنا بسبب قرارات أشخاص لا يعرفون شيئًا عن كرة القدم. لقد شعرنا وكأننا عالقون في أرض قاحلة، معلقون بين الأمل واليأس.
واليوم، وأنا أرى رسن الوطن معلقًا على ملعب العراق، لا يسعني إلا أن أشعر بالأسى على الحال الذي وصلت إليه بلادي. لقد أهدرنا موهبتنا، وأضعنا فرصتنا، وخنقنا أحلامنا بأيدينا. لقد أصبحنا مثل دمية معلقة على حبل، متأرجحين بين الشغف والاحباط، بين الأمل واليأس.
لكنني أرفض أن أستسلم. لن أسمح للظلم أن يدمر حلمي. سأستمر في اللعب، وسأستمر في الأمل. سأعيش من أجل اليوم الذي أرى فيه رسن الأمل مرفوعًا عالياً مرة أخرى.