رمضان: رحلة نحو التقوى والفلاح




يا الله، شهر رمضان الكريم، مبارك علينا وعليكم، شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار، شهرٌ يمنحنا الفرصة لنعيد النظر في أنفسنا، ونصحح مسارنا، ونتقرب من خالقنا.

رمضان رحلة تقوى وفلاح، رحلة روحية ندخل فيها بحسن نية، وفي كل خطوة نخطوها نرقى درجةً في درجات القرب من الله سبحانه وتعالى، فالصيام يطهّر أبداننا وقلوبنا، والصلوات الخاشعة تزيدنا خشوعًا في طاعته.

في رمضان، نتمهل في حياتنا، نترك صخب العالم وراءنا، وننغمس في عبادتنا، فكم منا افتقد طعم الصلاة في جماعة بسبب ضغط العمل وسرعة الحياة؟ واليوم، في هذه الأجواء الروحانية، نعود من جديد إلى المساجد، نصلي ونصافح ونتسامح، كأننا ولدنا من جديد.

رمضان موسم الرحمة، الرحمة على أنفسنا وعلى الآخرين، ففي هذا الشهر نتعلم معنى العطاء، عطاء الوقت والجهد والمال والأدعية، ندعو لمن نحب ونغفر لمن أساء إلينا، نبتسم في وجوه الفقراء والمساكين، ونساعد المحتاجين، فأي رحمة أسمى من هذه الرحمة؟

ليلة القدر: منّة عظيمة من الله

ولعل أبرز ما يميّز رمضان هو ليلة القدر، ليلة مباركة أنزل فيها القرآن الكريم، ليلة نبحث فيها عن المغفرة والعفو، ليلة سلام ونور، نحييها بالصلاة والتسبيح والدعاء، ونخاطب الله فيها بأصدق قلوبنا، فنقول له بدمعات راجية: "ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم"، ففي هذه الليلة المباركة، تُستجاب الدعوات، وتُكتب الأقدار.

رمضان فرصة عظيمة للتغيير، فرصة لترك السيئات وارتكاب الحسنات، فرصة لإصلاح ما أفسدناه، وإعادة ترتيب أولوياتنا، فما أجمل أن نخرج من رمضان وقد غفرت لنا ذنوبنا، وتبدلت أحوالنا، وأصبحنا أفضل مما كنا عليه قبل حلوله.

رمضان: رحلة العتق من النار

وفي نهاية هذا الشهر الفضيل، وفي عيد الفطر المبارك، نحتفل بتحريرنا من النار، نار المعاصي والذنوب، ونعود إلى حياتنا العادية، محملين بخير رمضان وبركاته، عازمين على الالتزام بما تعلمناه في مدرسة الشهر الكريم، فنحرص على أداء الصلوات في وقتها، ونستمر في العطاء والصدقات، ونحمي ألسنتنا من الكلام السيء، فنحن تخرجنا من رمضان، لكن رمضان لن يخرج منا.

رمضان رحلة روحية تقربنا من الله عز وجل، رحلة نودعها اليوم لتودعنا غدًا، لكن ذكرى رمضان ستبقى خالدة في قلوبنا، تذكرّنا بفضل الله علينا، وبأنه شهر الفلاح والعتق من النار،

  • فاللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا، واجعلنا من عتقائك من النار يا رب العالمين.