زكريا هوساوي.. من القاعدة إلى التوبة والوطن




ما بين دروب التطرف ودروب الهداية حكاية طويلة، ولحظة الحسم فيها هي الأكثر خطورة، مر بها "زكريا هوساوي" حين تخلى عن كل شيء وقرر العودة إلى وطنه، تاركاً خلفه شبح القاعدة.
رحلة ضياع
نشأ زكريا في مدينة تبوك السعودية، عانى صغر السن والفقر، تخرج من الثانوية العامة، ودرس في كلية التربية، ثم جاءت لحظة التيه، حين قرر السفر إلى أفغانستان لأداء ما كان يظنه الجهاد، فوقع فريسة لأفكار متشددة، وسرعان ما التحق بمعسكر القاعدة.
القاعدة.. حلم مريض
حلم العودة إلى الوطن تلاشت مع مرور السنوات، قضى زكريا عشر منها في معسكرات القاعدة، متنقلاً بين أفغانستان وباكستان وإيران، شارك في أعمال عنف وقتال، وكان شاهدًا على الكثير من الدماء، حتى أدرك أن فكرة الجهاد التي اشبعته بها القاعدة مجرد وهم.

حول هذه الفترة كتب زكريا لاحقًا: "كانت فترة مريرة وصعبة للغاية، رأيت الكثير من الموت والدمار، وأدركت أن القاعدة لا تعمل إلا لمصالحها ولا علاقة لها بالإسلام".

لحظة الصحوة
جاءت لحظة الصحوة بعد مقتل أسامة بن لادن، حين أدرك زكريا أن لا مستقبل له في التطرف، قرر العودة إلى وطنه، متخليًا عن كل شيء، اتصل بالسعودية وطلب المساعدة، فرأى فيها يداً حانية ترحب بابنها التائب.

يقول زكريا: "كنت خائفًا، ولكنني وجدت السعودية بلدًا غفورًا رحيمًا، استقبلتني بكل محبة ودعم، لقد تغيرت السعودية كثيرًا عما كنت أظن".

عودة الوطن
عاد زكريا إلى وطنه عام 2014، بعد مساعٍ استمرت سنوات، وجد الدعم الكامل من الدولة ومجتمعه، التحق ببرنامج المناصحة، وبدأ حياة جديدة خالية من العنف والتطرف.

يقول زكريا: "أشعر الآن بالسعادة والاستقرار، أحب بلدي وأعتز بها، لقد أخطأت في الماضي، وأنا أتحمل مسؤولية أفعالي، ولكنني سعيد لأنني استيقظت وعدت إلى وطني".

رسالة توبة
اليوم، زكريا هو رجل مختلف، يدين العنف والتطرف، ويؤمن بالسلام والتعايش، يشارك تجربته مع الشباب في المدارس والجامعات، محذرًا من الوقوع في براثن التطرف.

يقول زكريا: "رسالتي هي أن العودة إلى الوطن ممكنة، مهما كانت أخطائك، فالسعودية بلد غفور رحيم، يقبل توبة أبنائه، ويمنحهم فرصة ثانية".

دعوة إلى السلام
لقد تغير زكريا كثيرًا، وتغيرت السعودية أيضًا، هناك العديد من المبادرات لمواجهة التطرف، وبرامج المناصحة التي تساعد التائبين على العودة إلى الحياة الطبيعية.

وفي النهاية، فإن قصة زكريا هوساوي هي قصة أمل وتوبة، قصة الوطن الذي يقبل عودة أبنائه، وقصة إنسان تاه عن الطريق ثم عاد إلى الصواب.