زلزال المغرب.. نكبة ترعيدت




في الثامن من سبتمبر/ أيلول من عام 2023، ضرب زلزال منطقة الحوز جنوب غرب المغرب، ووصلت ارتداداته إلى مختلف مناطق البلاد، ليخلف نحو 3000 قتيل وأكثر من 5000 مصاب وخسائر مادية سوت مناطق بأكملها بالأرض.
لم يكن الزلزال مجرد حدث عابر، بل كان نكبة حقيقية أصابت المنطقة بأكملها. فقد دمر المباني والمنازل، وشرد الآلاف من السكان، وألقى بظلاله على حياة الناس لسنوات قادمة.

كأن الأرض انشقت

كانت الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر ذلك اليوم المشؤوم، عندما بدأت الأرض بالاهتزاز العنيف، في البداية كان الأمر أشبه بهزة خفيفة، لكن سرعان ما تحول الاهتزاز إلى زلزال قوي للغاية، استمر لأكثر من دقيقة، وكأن الأرض انشقت عن بكرة أبيها.

تسبب الزلزال في دمار هائل، فتداعت المباني، وانهارت المنازل، وتشققّت الطرقات، واشتعلت النيران في العديد من الأماكن، وتحوّلت المنطقة إلى مشهد أشبه بمناطق الحروب.
لم يكن هناك وقت للتفكير أو الاستعداد، فقد فاجأ الزلزال الجميع، وأوقعهم في حالة من الرعب والهلع، وحاول الناس الخروج من منازلهم ومبانيهم، لكن الأنقاض كانت تحاصرهم، وتعلو صرخاتهم واستغاثاتهم سماء المنطقة المنكوبة.

آثار كارثية

خلّف الزلزال آثارًا كارثية على المنطقة، ولم تقتصر الخسائر على الأرواح والممتلكات، بل امتدت إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية، وتوقفت الحياة في المنطقة المنكوبة تمامًا، وانقطعت الكهرباء والمياه والاتصالات، وأصبح العثور على الطعام والشراب أمرًا صعبًا للغاية.
وباتت آلاف الأسر بلا مأوى، وتشرد الآلاف في العراء، في حين تحولت المستشفيات إلى ساحات لاستقبال الجرحى والمصابين الذين تدفقوا بأعداد غفيرة، ولم يكن هناك ما يكفي من الأطباء والممرضين والأدوية لعلاج الجميع.

المغرب ينهض من تحت الأنقاض

في أعقاب الزلزال، هرعت الحكومة المغربية إلى إعلان حالة الطوارئ في المنطقة المنكوبة، وأرسلت فرق الإنقاذ والإغاثة لمساعدة المتضررين، وبدأت عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض، لكن الأمل في العثور على ناجين كان يتضاءل مع مرور الوقت.
كما أطلقت الحكومة المغربية نداءً دوليًا لطلب المساعدة، وتدفقت المساعدات من جميع أنحاء العالم، ووصلت فرق الإنقاذ من دول مختلفة للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ، كما وصلت المساعدات الإنسانية من الأغذية والأدوية والبطانيات والخيام لإغاثة المتضررين.
وبدأت الحكومة المغربية في تنفيذ خطة لإعادة إعمار المنطقة المنكوبة، وبناء مساكن جديدة للمتضررين، وإعادة بناء البنية التحتية والخدمات الأساسية، لكن مهمة إعادة الإعمار كانت شاقة وطويلة، واستغرقت سنوات حتى عادت الحياة إلى طبيعتها في المنطقة المنكوبة.

ندوب نكبة ترعيدت

مرت سنوات على نكبة زلزال ترعيدت، لكن آثارها لا تزال ماثلة للعيان، فما زالت بعض المناطق المنكوبة مدمرة ولم يُعاد بناؤها بعد، وما زال بعض المتضررين يعيشون في مساكن مؤقتة، وما زالت ندوب النكبة محفورة في ذاكرة الناس.
لم يكن زلزال ترعيدت مجرد كارثة طبيعية، بل كان درسًا قاسيًا للبشرية، أظهر هشاشتنا أمام قوى الطبيعة، وذكرنا بضرورة الاستعداد دائمًا لمواجهة الكوارث الطبيعية، وبضرورة التعاون والتكاتف لمواجهة التحديات والأزمات.