على بساط من الحبر والورق، خطّت ريشة سالم العلي رسائل جريئة، تحدّت الظلم والاستبداد، ووقفت في وجه الطغاة، حاملة لواء الحق والعدالة. فهو ابن الكويت الذي أحب وطنه وأبناء أمته، فعبر عن آرائهم وآمالهم، ونقل معاناتهم إلى العالم الخارجي.
ولد سالم العلي في الكويت عام 1930، ونشأ في بيئة بسيطة، حيث عمل والده في مجال التجارة. منذ صغره، أظهر سالم موهبة فنية مبكرة، وكان شغوفًا بالرسم والكتابة.
بدأت مسيرة سالم العلي الفنية في عام 1945، عندما نشر أولى رسوماته الكاريكاتورية في صحيفة محلية، بعنوان "البحر". ومع مرور الوقت، اكتسبت رسوماته شعبية واسعة، وأصبح معروفًا باسم "رسام الشعب".
تميز أسلوب سالم العلي برسوماته البسيطة والواضحة، والتي عادةً ما كانت تعرض شخصيات ذات رؤوس كبيرة وعيون واسعة، تعكس عواطف ومشاعر عميقة. وقد استخدم هذه الرسومات كوسيلة للتعبير عن آرائه السياسية والاجتماعية.
كانت رسومات سالم العلي تهدف إلى توجيه رسائل قوية عن الظلم والاستبداد، انتقد فيها الأنظمة السياسية العربية، ودافع عن حقوق الإنسان والحريات. وقد استخدم الرمزية والإسقاط بكثرة لإيصال رسائله، دون التعرض للرقابة المباشرة.
لم تخلُ مسيرة سالم العلي من الملاحقات والاعتقالات بسبب آرائه الجريئة. فقد تعرض للاعتقال عدة مرات من قبل السلطات الكويتية، وتمت مصادرة بعض رسوماته ومنع نشرها. لكنه ظل صامدًا، واستمر في التعبير عن آرائه بكل شجاعة.
حظيت أعمال سالم العلي بتقدير واسع النطاق في جميع أنحاء العالم العربي والغربي. فقد نال العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك وسام الاستحقاق الفرنسي، ووسام التميز الكويتي. كما أقيمت معارض لأعماله في العديد من دول العالم.
رحل سالم العلي عن عالمنا في عام 2009، لكن إرثه الفني لا يزال حيًا. فقد ترك وراءه مجموعة كبيرة من الرسوم الكاريكاتورية التي أصبحت مصدر إلهام للعديد من الفنانين والناشطين السياسيين. ويعتبر سالم العلي رمزًا للحرية والتعبير في جميع أنحاء العالم العربي، وأحد أكثر شخصياته تأثيرًا في تاريخ المنطقة الحديث.
في ذكرى سالم العلي، دعونا نتذكر أهمية التمسك بمبادئ الحق والعدالة، وعدم الخوف من التعبير عن آرائنا، مهما كانت صعبة أو غير شعبية. دعونا نستلهم من شجاعته وإصراره، ونستمر في السعي نحو مجتمعات عادلة ومتساوية للجميع.