"الماء حياة".. حكمة قديمة تتجلّى بكل وضوح في الصحراء القاحلة. هناك حيث تسطع الشمس بلا رحمة، ويُصبح البحث عن قطرة ماء مهمة حياة أو موت.
وعلى الرغم من صعوبة الحياة في الصحراء، إلا أن سكانها وجدوا طرقًا للتأقلم مع هذه البيئة القاسية. ومن أبرز هذه الطرق ابتكارهم لأنظمة ري مذهلة تسمح لهم باستخراج الماء من باطن الأرض وإيصاله إلى مزروعاتهم وحيواناتهم.
تُعرف هذه الأنظمة باسم "السقيا"، وتعتمد على مبدأ بسيط ولكنه فعال.
ففي وسط الصحراء، حيث تكون المياه الجوفية قريبة من السطح، يقوم سكان الصحراء بحفر آبار عميقة. ثم يستخدمون دلاء أو مضخات لسحب الماء من هذه الآبار وتخزينه في خزانات. من هناك، يتم توجيه المياه عبر قنوات أو أنابيب إلى الحقول والحدائق.
ولا تقتصر أنظمة السقيا على تزويد المجتمعات الصحراوية بالماء فحسب، بل إنها أيضًا عامل اجتماعي مهم. إذ يعمل السكان معًا لبناء وصيانة أنظمة السقيا، مما يساعد على تعزيز الروابط المجتمعية.
"سقيا الماء".. تقليد صحراوي عريق
يعود تقليد السقيا في الصحراء إلى قرون مضت، وقد مر بمختلف التطورات. في الماضي، اعتمدت أنظمة السقيا بشكل كبير على العمالة اليدوية والحيوانية. ولكن مع التقدم التكنولوجي، تم استخدام المضخات والأنابيب الحديثة لتسهيل عملية استخراج المياه وتوزيعها.
يواجه سكان الصحراء في الوقت الحاضر تحديات جديدة تهدد بقاء أنظمة السقيا التقليدية. ومن هذه التحديات: النمو السكاني المتزايد، والتغير المناخي، والتلوث.
ولكن على الرغم من هذه التحديات، فإن أنظمة السقيا لا تزال جزءًا لا يتجزأ من حياة المجتمعات الصحراوية. فهي شهادة على قدرة الإنسان على التكيف والابتكار في أقسى البيئات.
"سقيا الماء".. مهددة ولكنها شامخة
يجب على سكان الصحراء بذل كل ما في وسعهم للحفاظ على أنظمة السقيا التقليدية وإدارتها بشكل مستدام. وهذا يعني الاستثمار في التكنولوجيا التي تساعد على توفير المياه، وتثقيف المجتمعات حول أهمية الحفاظ على المياه، والعمل معًا لحماية موارد المياه الصحراوية.
فـ "سقيا الماء" هي شريان الحياة في الصحراء، وبقائها ضروري لبقاء المجتمعات الصحراوية.