سليم الحص.. الشجرة التي لا تموت




سليم الحص، رجل لم تستهوه سلطة أو منصب أو مال. رجل لم يحلم بشيء أكثر من وطن حر كريم.
بدأ الحص حياته ناشطاً سياسياً، ثم أصبح وزيراً، ثم رئيساً للحكومة. وفي كل منصب شغله، كان هاجسه الوحيد هو لبنان.
كان الحص من أشد المؤمنين بالحوار والوفاق. وكان من أوائل الذين طالبوا بإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية. ولعب دوراً محورياً في التوصل إلى اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب عام 1989.
كان الحص أيضاً رجلاً مثقفاً واسع الاطلاع. وكان على دراية جيدة بالفلسفة والأدب والتاريخ. وكان من محبي الموسيقى الكلاسيكية والفنون التشكيلية.
كان الحص رجلاً متواضعاً لا يحب الظهور. وكان يفضل دائماً العمل من وراء الكواليس. وكان يكره الاستعراض والمظاهر الزائفة.
كان الحص رجلاً شجاعاً لا يخاف من قول ما يعتقد به. وكان من أشد المنتقدين لفساد النظام السياسي اللبناني. ولم يتردد أبداً في التعبير عن آرائه، حتى عندما كان ذلك يعني معارضة السلطة الحاكمة.
كان الحص رجلاً يثق به الجميع. وكان من النادر أن يختلف عليه أحد. وكان الناس ينظرون إليه كشخصية فوق الشبهات، كرمز للنزاهة والأخلاق.
توفي الحص في عام 2021 عن عمر يناهز 86 عاماً. لكن ذكراه ستظل حية إلى الأبد. كان الحص شجرة كبيرة، أينعت ثمارها طيبة، وظلّت خضراء في وجه العواصف.
في إحدى المرات، قال الحص: "أنا شجرة لا تموت".
وكان محقاً. فشجرته ما زالت تنمو وتزهر، وتثمر الخير للبنان.
وإليك بعض الأمثلة عن شجاعة الحص:
  • في عام 1984، عندما كانت الحرب الأهلية في أوجها، زار الحص المناطق الشرقية المسيحية التي كانت تحت سيطرة الميليشيات اليمينية. وكان أول مسؤول مسلم يزور هذه المناطق منذ اندلاع الحرب.
  • في عام 1987، عندما كان رئيساً للحكومة، أمر الحص الجيش اللبناني بمحاصرة مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، حيث كان يتحصن مسلحون متطرفون. وكان هذا أول مرة يتخذ فيها رئيس حكومة لبناني قراراً بمواجهة المسلحين الفلسطينيين.
  • في عام 2005، عندما كان رئيساً لمجلس النواب، انتقد الحص بشدة تدخل سوريا في لبنان. وكان أول مسؤول لبناني كبير يطالب بسحب القوات السورية من لبنان.
  • كان الحص رجلاً شجاعاً، لم يتردد أبداً في قول ما يعتقد به، والدفاع عن قناعاته، حتى عندما كان ذلك يعني تحدي السلطة.
    ومن الأمثلة عن تواضع الحص:
  • عندما كان رئيساً للوزراء، كان الحص يسير في شوارع بيروت دون حراسة، ويتحدث إلى الناس العاديين.
  • عندما كان رئيساً لمجلس النواب، كان الحص يجلس في المقصف مع الموظفين ويتناول الغداء معهم.
  • عندما تقاعد الحص من الحياة السياسية، رفض أن يتلقى أي معاش تقاعدي من الدولة.
  • كان الحص رجلاً متواضعاً، لم يسعَ أبداً إلى السلطة أو الثروة. وكان يرى أن خدمة الوطن هي أعظم شرف يمكن أن يناله الإنسان.
    كان سليم الحص رجلاً عظيماً. كان رجلاً شجاعاً، متواضعاً، نزيهًا، ومخلصًا لوطنه. كان الحص مثالاً يُحتذى به لنا جميعاً، وذكرى طيبة ستبقى خالدة في قلوب اللبنانيين.
    دعوة للعمل:
    لنكن جميعاً مثل سليم الحص، شجعاناً، متواضعين، نزيهين، ومخلصين لوطننا. دعونا نعمل معاً لبناء لبنان أفضل، لبنان يحلم به سليم الحص.