سليم عياش: قصة إرهابي حوكم غيابيا




يعد سليم عياش أحد أبرز الشخصيات في تاريخ لبنان الحديث، حيث لعب دورا رئيسيا في العدوان الوحشي الذي استهدف رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في بيروت عام 2005. وبعد سنوات من التحقيق الدولي المكثف، أدين عياش غيابيا في جريمة اغتيال الحريري، وهو الحكم الذي صدم العالم وهز حزب الله اللبناني الذي ينتمي إليه عياش.

ولكن من هو سليم عياش؟ وكيف تحول من مجرد ناشط إلى أحد أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم؟

مسيرة مبكرة في حزب الله

ولد عياش في قرية صغيرة في جنوب لبنان عام 1963. نشأ في بيئة متشددة، حيث غرس فيه والداه منذ سن مبكرة الكراهية لإسرائيل والغرب. في سن مبكرة، انضم عياش إلى حزب الله، وهي منظمة سياسية وعسكرية شيعية ظلت على خلاف مستمر مع إسرائيل.

سرعان ما ارتقى عياش في صفوف حزب الله، حيث اشتهر بشجاعته ومهاراته القتالية. أصبح قائدا ميدانيا بارزا في التفجيرات الانتحارية ضد إسرائيل، مما منحه سمعة كواحد من أكثر العناصر خطورة في المنظمة.

اغتيال رفيق الحريري

في 14 فبراير 2005، هز انفجار هائل وسط بيروت، مما أسفر عن مقتل رئيس الوزراء رفيق الحريري و 22 آخرين. صدمت الجريمة لبنان والعالم، وأشعلت موجة من الغضب والمطالب بالعدالة.

وبعد تحقيق دولي استمر لأربع سنوات، أصدرت المحكمة الخاصة بلبنان، وهي محكمة دولية خاصة أنشئت للتحقيق في اغتيال الحريري، لائحة اتهام ضد عياش وثلاثة من أعضاء حزب الله الآخرين. واتهمت المحكمة عياش بالتخطيط وتنفيذ التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة الحريري، ووجهت إليه تهم الإرهاب والقتل العمد.

الحكم الغيابي

ومع ذلك، لم يحضر عياش المحاكمة التي استمرت لمدة خمس سنوات. ظل مختفيا، ولم يعرف عنه أي شيء سوى أنه لا يزال عضوًا بارزًا في حزب الله.

وفي ديسمبر 2020، أدانت المحكمة عياش غيابيا بجميع التهم الموجهة إليه وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة. وصفت المحكمة عياش بأنه "إرهابي" ووصفت أفعاله بأنها "وحشية غير مبررة".

ردود الفعل

واجه حكم المحكمة بردود فعل متباينة في لبنان وخارجه. أشاد البعض بالحكم معتبرين أنه انتصار للعدالة، بينما ندد آخرون به باعتباره محكمة صورية لا أساس لها.

أما حزب الله، الذي طالما نفى تورطه في اغتيال الحريري، فقد رفض الحكم بشدة ووصفه بأنه "مسيس". وصرح الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن عياش "مقاتل مقاوم" وأن الحكم عليه "ظالم".

الوضع الحالي

حتى الآن، لا يزال سليم عياش طليقا. لم يقدم حزب الله أي تعاون في القبض عليه، ومن غير الواضح أين يختبئ.

ومع ذلك، فإن قضية اغتيال رفيق الحريري لا تزال تطارد عياش وحزب الله. والحكم الغيابي الذي صدر ضده يظل تذكيرا دائمًا بالجرائم التي ارتُكبت في ذلك اليوم المظلم.

يبقى سليم عياش شخصية غامضة، غارقة في عالم الإرهاب والعنف. ويظل الحكم عليه رمزًا للعدالة التي طال انتظارها لضحايا تفجير بيروت والعديد من الأعمال الإرهابية الأخرى التي ارتكبها حزب الله.