سيول سلطنة عمان.. فيض من السماء أم كارثة طبيعية؟




في قلب شبه الجزيرة العربية القاحلة، حيث تندلع الشمس بلا رحمة طوال العام تقريبًا، تظهر سلطنة عمان كجوهرة خضراء، بفضل سواحلها المذهلة وجبالها الشاهقة. ولكن حتى هذا الجمال الأخضر يمكن أن يتحول إلى وحش مدمر، وقد حدث ذلك في شكل سيول مدمرة.
سيول الأمل والدمار
لقد شهدت سلطنة عمان فيضانات مدمرة طوال تاريخها، لكن السيول الأخيرة التي ضربت البلاد في عام 2023 كانت بمثابة جرس إنذار. جرفت السيول الهائجة المدن والقرى، مما أسفر عن مقتل العشرات وإلحاق أضرار بمليارات الدولارات بالبنية التحتية. لكن ما الذي تسبب في هذا الدمار المفاجئ؟
عوامل طبيعية وبشرية
يتفق الخبراء على أن العوامل الطبيعية والبشرية قد تضافرت معًا لإحداث السيول الكارثية. تضرب الرياح الموسمية الجنوبية الغربية المنطقة كل عام، لكن هذا الموسم كان أقوى من المعتاد، مما أدى إلى هطول أمطار غزيرة غير مسبوقة.
بالإضافة إلى ذلك، أدى التوسع الحضري السريع في سلطنة عمان إلى زيادة المناطق الممهورة بالإسمنت والخرسانة، مما قلل من قدرة الأرض على امتصاص المياه. كما أدى بناء السدود على الأنهار إلى تعطيل التدفق الطبيعي للمياه، مما أدى إلى تفاقم الفيضانات.
قصص المعاناة والأمل
وسط الدمار، ظهرت قصص المعاناة والأمل. فقد حُرمت العائلات من منازلها وممتلكاتها، واضطرت إلى الفرار إلى ملاجئ مؤقتة. وقد عمل المسعفون لساعات طويلة لإنقاذ الناجين وحمل الجرحى.
ولكن في خضم الظلام، أشرق نور الأمل. فقد تجمع المتطوعون من جميع أنحاء البلاد لتقديم المساعدات لضحايا السيول. قدموا الطعام والمأوى والراحة لأولئك الذين فقدوا كل شيء.
الدروس المستفادة
في أعقاب السيول المدمرة، تبحث سلطنة عمان عن طرق لمنع حدوث مثل هذه الكارثة مرة أخرى. يدرك المسؤولون أن التخطيط الحضري الصديق للبيئة والسياسات المائية المستدامة أمران حاسمان للمستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، تؤكد السيول على أهمية الاستعداد لحالات الطوارئ. من خلال إنشاء أنظمة إنذار مبكر وتدريب فرق الاستجابة، يمكن لسلطنة عمان التخفيف من عواقب الفيضانات المستقبلية وإنقاذ الأرواح والممتلكات.
نداء للعمل
على الرغم من أن السيول كانت بمثابة مأساة على سلطنة عمان، إلا أنها يمكن أيضًا أن تكون بمثابة جرس إنذار بشأن مخاطر تغير المناخ. يجب أن نتعلم من دروس هذه الكارثة ونعمل معًا لمنع وقوع كارثة مماثلة في المستقبل.
نحن بحاجة إلى الاستثمار في البنية التحتية الصديقة للبيئة، واعتماد سياسات مائية مستدامة، والعمل معًا لبناء عالم أكثر مرونة في مواجهة التحديات البيئية. لأن السيول التي ضربت سلطنة عمان ليست مجرد كارثة طبيعية، بل هي تذكير صارخ بالعواقب الوخيمة لتغير المناخ. إنها دعوة للاستيقاظ ودعوة للعمل.