صبري فواز.. رحلة غنى بها السينما المصرية بصوت وأدب خالدين




يقف "صبري فواز" على عتبات الفن المصري شامخًا، بصوت أيقوني وأدب راقٍ أثرى به مسامعنا على مدى عقود من الزمن. ومن على مسارح التمثيل، رسم "صبري" مراحل مختلفة من عمر السينما المصرية ليضيف لها بصمته التي لا تُمحى.


بدايات صعبة.. ظهوره الأول

ولد "صبري فواز" عام 1925 في قرية تلقا بالمنصورة، لعائلة فقيرة. شغفه بالفن دفعه للسفر إلى القاهرة، ليصبح مطربًا في فرقة "محمود شكوكو" الشعبية. إلا أن مظهره البسيط وأدائه الخجول لم ينالا إعجاب الجمهور.

لكن "صبري فواز" لم يستسلم، وقرر الانضمام إلى معهد التمثيل عام 1946، حيث اكتسب مهاراته الفنية. وبعد سنوات طويلة من الكفاح، أتيحت له الفرصة لإثبات موهبته في دور صغير بفيلم "الموظف" عام 1959.


صوته الذهبي.. سحر يتردد عبر الأجيال

اشتهر "صبري فواز" بصوته الفريد الذي امتزج بقوة مع براعة التمثيل. في أوائل الستينيات، غنى "صبري" أجمل الأغاني التي لازالت تتردد على مسامعنا حتى اليوم، مثل "العمر ماشي" و"عدوية يا نبع الحنان" و"الحلوة دي بتحبك".

صوته كان أشبه بسحر ساحر، يلامس قلوب المتلقين ويثير شغفهم. حتى الآن، عندما نستمع إلى أغانيه، نشعر كما لو أن "صبري فواز" يغنينا شخصيًا، بمصاحبة كمانه الذي أضاف لموسيقاه لمسة دافئة.


ممثل موهوب.. أدوار لا تُنسى

لم يقتصر موهبة "صبري فواز" على الغناء فقط، بل برع أيضًا في التمثيل. قدم مجموعة متنوعة من الأدوار، من الكوميدية إلى الدرامية، في أفلام مثل "الزوجة الثانية" و"الأراجوز" و"الشموع السوداء".

أبدع "صبري" في تجسيد الشخصيات المتناقضة. كان قادرًا على إضحاكنا بدور "عزوز" في "الزوجة الثانية"، ثم يستدر دموعنا بدور "بدوي" في "الأراجوز". أدواره كانت مرآة لمجتمعنا، بكل تناقضاته وتحدياته.


أدب راقٍ.. روايات من القلب

لم يكن "صبري فواز" فنانًا موهوبًا في الغناء والتمثيل فحسب، بل كان أيضًا كاتبًا مرموقًا. ألف العديد من الروايات التي نالت استحسان النقاد، مثل "حكاية رجل" و"الحب في زمن الحرب".

من خلال كتاباته، كشف "صبري فواز" عن عمق أدبه وصدق مشاعره. رواياته كانت بمثابة سفر إلى أعماق النفس البشرية، تستكشف مواضيع الحب والحرب والحزن والأمل. أسلوبه الأدبي كان بسيطًا ومؤثرًا، مما جعل قراءه يشعرون وكأنهم جزء من القصص التي يرويها.


مسك الختام.. ذكرى خالدة في قلوب المصريين

رحل "صبري فواز" عن عالمنا عام 2002، مخلفًا وراءه إرثًا فنيًا وأدبيًا خالدًا. صوته الذهبي وأدائه التمثيلي المتميز ورواياته المؤثرة جعلته أحد أيقونات الفن المصري الذين يحظون بتقدير أجيال متعاقبة.

في كل مرة نستمع إلى أغانيه أو نشاهد أفلامه أو نقرأ رواياته، نتذكر "صبري فواز" كفنان استثنائي أثرى حياتنا وعقولنا. ذكرى "صبري فواز" ستبقى خالدة في قلوب المصريين إلى الأبد، كمبدع كتب اسمه بحروف من ذهب في تاريخ الفنون المصرية.