صلاة التهجد.. صلاة العظماء في جوف الليل




صلاة التهجد، تلك الصلاة التي يوقظ فيها العبد نفسه للصلاة في الثلث الأخير من الليل، وتسمى أيضا بصلاة الليل وصلاة القيام وصلاة المطوعين وصلاة التطوع وصلاة النوافل، وهي من السنن المؤكدة في الإسلام، وقد قال الله تعالى: "ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا".
وروى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى الله، ومكفرة للسيئات، ومنهاة للذنوب، ومطردة للداء عن الجسد"، كما قال أيضا: "أحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله عز وجل صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه".
ويفضل أن تكون صلاة التهجد أحد عشر ركعة، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي إحدى عشرة ركعة في جوف الليل، ويوتر بواحدة".
وورد عن السلف الصالح الكثير من فضائل صلاة التهجد، فعن سفين الثوري قال: "كانوا يقولون: من لم يقم الليل فليس من أهل الإيمان"، وقال ميمون بن مهران: "ما برح قوم قط صلاة الليل إلا بذلوا"، وقال الفضيل بن عياض: "من حرم حلاوة مناجاة الله عز وجل بالليل فإنه قد حرم حلاوة الإيمان"، وقال سفيان الثوري أيضا: "ما خص الله عز وجل عبدا بشيء أفضل من قيام الليل".
ولقد كان السلف الصالح حريصين على صلاة التهجد، فعن ثابت البناني قال: "ما ترك بلال صلاة الليل أربعين سنة"، وقال الحسن البصري: "أبشر مبشرا من قام الليل، فإنه عند الله من المقربين"، وقال أبو الدرداء: "ما من عبد قام الليل إلا جعل الله تعالى له نورا في وجهه، ورزقه البشاشة في قلبه، وفرج همه، وقضى حاجته، وأحبه الناس".
ولم تقتصر فضائل صلاة التهجد على الدنيا، بل تمتد إلى الآخرة، فقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "صلاة الليل نور، وكفارة للسيئات، ومضاعفة للحسنات، ومطردة للأمراض، ومذهبة للكسل، وسبحان الله وبحمده".
ولصلاة التهجد آداب كثيرة، منها أن تتوضأ جيدا وتصلي ركعتين خفيفتين، وأن تصلي في هدوء وسكينة، وأن تطيل السجود وتدعو الله تعالى بما شئت، وأن تكثر من الأذكار والأدعية، وأن تقرأ القرآن بصوت منخفض، وأن لا تتكلم إلا قليلا، وأن تنام بعد صلاة التهجد قليلا، وأن لا تترك صلاة التهجد إلا لعذر شرعي.
وصلاة التهجد يا عباد الله تعالى، هي من السنن المؤكدة التي يجب علينا الالتزام بها، وهي من أبواب الخير العظيمة التي نرجو من الله تعالى أن يفتحها لنا، فاللهم ارزقنا قيام الليل وحلاوة مناجاتك وتقبل منا صالح أعمالنا يا كريم يا رحيم.