في أوقات الخلوة، حين يلتف السكون حولنا، وتغادرنا الأصوات، تبقى هناك رفقة من نوعٍ خاص، رفقة أذكارنا وصلواتنا. إنها ليست كلماتٍ نتلوها فحسب، ولكنها أنفاس تُحيي فينا روح الإيمان، وتُذيب عن قلوبنا غبار الدنيا.
وكم من مرةٍ استشعرتُ أنفاس الملائكة تشاركني صلواتي، وكأنهم يرددون معي: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم". إنها كلماتٌ بسيطة، لكنها عميقة المعنى، إذ تجعلنا نُدرك عظمة الله وقدرته، وتُذكرنا بنعمه علينا.
ولا تقتصر صلوات التسابيح والأذكار على وقتٍ معين، فهي أنيس الأوقات كلها، رفيق الصباح الذي يمنحنا طاقة يومنا، ورفيق المساء الذي يريح قلوبنا قبل النوم. وهي كذلك سلاحنا ضد الشيطان، إذ يفرُّ من ذكر الله كما يفر الظلام من النور.
وإلى جانب صلوات التسابيح والأذكار، هناك دعوات وأورادٌ أخرى يُستحب ذكرها في أوقاتٍ معينة، مثل دعاء الاستخارة الذي يُقال عند الحيرة في اتخاذ قرار، ودعاء السفر الذي يُقال عند الخروج من المنزل، ودعاء دخول المسجد الذي يُقال عند دخول المساجد.
وربما يتساءل البعض عن سبب تكرار هذه الصلوات والأذكار، إلا أن الإجابة بسيطة للغاية. فكما نحتاج إلى الطعام والشراب لتغذية أجسادنا، نحتاج إلى ذكر الله وتسبيحه لتغذية أرواحنا وإحياء قلوبنا. إنه خُبزنا اليومي الذي لا غنى لنا عنه.
وإذا أردت أن تعيش حياةً مليئة بالبركة والطمأنينة، فاعتنِ بذكر الله والتسابيح. إنها كنوزٌ لا تُقدر بثمن، مناجاة لله وتقربٌ منه. وفي وقتٍ تُحيط بنا فيه فوضى العالم، ستجد في ذكر الله مرسىً للأرواح وأنسًا للقلوب.
فلا تدع أوقاتك تمر فارغةً دون ذكر الله، ففي تسابيحك ستجد أجمل معاني السكون والسكينة.